فقوله : ( آمرك بالصلاة ) تدلّ مادّة الأمر لغة على الطلب التشريعي من العالي ، بنحو المعنى الاسمي ؛ وذلك لأنّ الطلب كمفهوم اسمي معناه السعي نحو المقصود والإرسال نحو المادّة ، والتشريعي معناه تحريك الغير وتكليفه ، فكلمة ( آمرك ) تدلّ على هذا المعنى كمفهوم اسمي ؛ لأنّ مادّة الأمر مفهوم اسمي وليست معنى حرفيّا ، حيث تقدّم في المعاني الحرفيّة أنّ المادّة مفهوم اسمي بخلاف الهيئة فإنّها معنى حرفي.
كما لا إشكال في دلالة صيغة الأمر على الطلب ؛ وذلك لأنّ مفاد الهيئة فيها هو النسبة الإرساليّة ، والإرسال ينتزع منه مفهوم الطلب ، حيث إنّ الإرسال سعيّ نحو المقصود من قبل المرسل.
ثمّ إنّه لا إشكال أيضا بأنّ صيغة الأمر ( افعل ) تدلّ على الطلب أيضا لكن لا بما هو معنى مفهوم اسمي ، بل بما هو معنى حرفي ؛ وذلك لأنّ مفاد الهيئة ( افعل ) هو النسبة التامّة المتحقّقة في الذهن بين المرسل والمرسل إليه. فهناك إذا نسبة تامّة إرساليّة تدلّ عليها صيغة ( افعل ) ؛ لأنّ الهيئة فيها معنى حرفي فهي تدلّ على النسبة حتما.
ثمّ إنّ هذه النسبة الإرساليّة ينتزع منها مفهوم الطلب ؛ وذلك لأنّ الإرسال معناه السعي نحو المقصود بإرسال الغير ، وهذا نفسه مفهوم الطلب ؛ لأنّ الطلب سعي نحو المقصود أيضا بتحريك الغير.
وبهذا يتبيّن أنّ الهيئة لصيغة الأمر ( افعل ) تدلّ على النسبة الإرساليّة ، وهذه النسبة الإرساليّة ينتزع منها مفهوم الطلب ؛ لأنّ الطلب والإرسال كلاهما سعيّ نحو المقصود من الغير إمّا بتحريكه وإمّا بإرساله.
فتكون الهيئة دالّة على الطلب بالدلالة التصوّريّة تبعا لدلالتها تصوّرا على منشأ انتزاعه.
وحينئذ تكون هيئة الأمر ( افعل ) التي تدلّ على النسبة الارساليّة تصوّرا ؛ لأنّها موضوعة لها تدلّ أيضا على الطلب بالدلالة التصوّريّة الوضعيّة ، وهذا يعني أنّها موضوعة لغة للدلالة على الطلب أيضا كمادّة الأمر.
غاية الأمر أنّ المادّة تدلّ على الطلب كمفهوم اسمي مباشرة وابتداء ، بحيث تكون المادّة موضوعة لغة للطلب ابتداء ومباشرة. بينما صيغة الأمر تدلّ على الطلب كنسبة من خلال دلالتها على النسبة الإرساليّة الموضوعة لها والتي هي منشأ الانتزاع للطلب ،