كما هو مبرهن عليه في الفلسفة. والغرض وحدته ليست وحدة شخصيّة ؛ لأنّه ليس جزئيّا بل هو مفهوم كلّي ، فهو إمّا واحد نوعي أو واحد عنواني على الخلاف في ذلك ، وعلى كلا الأمرين لا تنطبق عليه القاعدة الفلسفيّة المذكورة وعليه فلا يشترط كون المؤثّر في الغرض واحدا أيضا ، بل يمكن أن يكون المؤثّر فيه الكثير. فتلك القضيّة الكلّيّة المؤلّفة من موضوع جامع بين موضوعات مسائل العلم لا داعي ولا موجب لفرضها على هذا ، بل يمكن أن تكون مسائل العلم بما هي كثيرة مؤثّرة في الغرض ولا يلزم من ذلك أي محذور.
وأمّا المقدّمة الأولى : وهي افتراض وجود غرض بسبب وجود المؤثّر وهو تلك القضيّة الكليّة المفترضة فيرد عليها : أنّه مع وجود المؤثّر يلزم وجود الغرض دائما ويمنع من تخلّفه عنه ، وهذا الأمر غير متحقّق بنحو مطلق ؛ لأنّا نجد أنّ الغرض يتخلّف في كثير من الأحيان مع وجود المؤثّر فيه ، فنرى مثلا أنّ من يتعلّم المنطق أو النحو يخطئ في التفكير السليم والصحيح وفي النطق الصحيح مع كون المؤثّر موجودا ؛ لأنّه قد تعلّم مسائل العلم ، وهذا يعني أنّ الغرض قد تخلّف عن المؤثّر فيه.
إلا أنّ السيّد الشهيد لا يقبل كلا هذين الإيرادين ولذلك قال : ( وأجيب على ذلك ). ووجه ذلك :
أمّا المقدّمة الثانية : فالقاعدة الفلسفيّة لا تختصّ بالواحد الشخصي ، بل تشمل الواحد بالنوع أيضا والغرض واحد بالنوع (١).
وأمّا المقدّمة الأولى : فلأنّه يشترط في تأثير المؤثّر في الغرض أن يتمكّن المتعلّم من استخدام مسائل العلم على وجهها الصحيح وفي موردها ومصداقها ، فهي تمكّنه من الوصول إلى الغرض فيما لو أحسن استخدامها لا مطلقا ، والمخطئ لا يكون قد أحسن الاستعمال. فإذا تخلّف الغرض لم يصل إليه ؛ لأنّه لم يتحقّق شرط التأثير.
وهكذا يرفض بعض المحقّقين (٢) الدليل على وجود موضوع لكلّ علم ، بل قد
__________________
(١) بل إنّ القاعدة المذكورة مختصّة بالواحد الحقيقي أي العلّة الحقيقيّة وهي الحقّ سبحانه وتعالى ، ولا تشمل العلل الاعتباريّة كالغرض في مقامنا ، ولذلك وقع خلط بين المقامين.
(٢) منهم المحقّق العراقي في المقالات ١ : ٣٧ ، والسيّد الخوئي في المحاضرات ١ : ٢٠.