الآخرين فهو قسم ثالث مباين لهما ، ولذلك فإنّه يوجد بين هذه اللحاظات تباين وتناف ؛ لأنّ كلّ قسم يباين ويغاير القسم الآخر وإلا للزم التداخل وهو على خلاف حقيقة القسمة.
إلا أنّ الملحوظ والمرئي بهذا اللحاظ الثالث أي لا بشرط قلنا : إنّه لا يحكي عن قيد أوّلي ؛ لأنّه عدم اللحاظ والعدم لا وجود له في الخارج. فالملحوظ والمرئي هو ذات الماهيّة بما هي هي قابلة للانطباق على المطلق وقابلة للانطباق على المقيّد ؛ لأنّ الماهيّة بما هي هي محفوظة في الماهيّة المقيّدة وفي الماهيّة المطلقة ، ولهذا يصحّ لنا القول بأنّ هذا المرئي والملحوظ جامع بين المرئي والملحوظ في اللحاظين الآخرين ؛ لأنّ الملحوظ باللّحاظ ( بشرط شيء ) هو الماهيّة المقيّدة والواجدة للوصف ، والملحوظ باللّحاظ ( بشرط لا ) هو الماهيّة الفاقدة للوصف. والجامع بين الماهيّة الواجدة والماهيّة المقيّدة هو ذات الماهيّة الموجودة في الذهن والملحوظة باللّحاظ ( لا بشرط ).
والحاصل : أنّ نفس اللحاظ اللابشرطي قسم مباين للّحاظين الآخرين أي لحاظ الوصف ولحاظ عدم الوصف.
وأمّا الملحوظ والمرئي باللحاظ اللابشرطي ( أي الماهيّة بما هي هي ) فهو جامع بين الملحوظين باللّحاظين الآخرين أي ( الماهيّة الواجدة للوصف والماهيّة الفاقدة للوصف ) ؛ لأنّ الماهيّة بما هي هي موجودة ومحفوظة في هاتين الحصّتين والملحوظتين ، ولذلك نقول :
فاللحاظ اللابشرطي بما هو لحاظ يقابل اللحاظين الآخرين وقسم ثالث لهما ، ولهذا يسمّى باللابشرط القسمي ، ولكن إذا التفت إلى ملحوظه مع الملحوظ في اللحاظين الآخرين كان جامعا بينهما ، لا قسما في مقابلهما ، بدليل انحفاظه فيهما معا ، والقسم لا يحفظ في القسم المقابل له.
وحاصل الكلام في هذا اللحاظ الثالث هو : أنّ اللحاظ اللابشرطي بما هو لحاظ من اللحاظات الذهنيّة الثلاثة فهو قسم مقابل ومباين ومغاير للّحاظين الآخرين ، أي لحاظ الماهيّة بشرط شيء ولحاظ الماهيّة بشرط لا ؛ لأنّ اللحاظات الذهنيّة متباينة فيما بينها ولأنّها موجودة كلّها في الذهن في عرض واحد. فكان كلّ واحد منهما قسيما مباينا للآخر ، فهو مفهوم مباين للمفهومين الآخرين ؛ لأنّ المفاهيم متباينة فيما بينها.