الموجودة في المعقولات الأوّليّة ، فتكون هذه المعقولات الثانويّة موطنها الذهن ومنشأ انتزاعها الذهن أيضا ، والاتّصاف والعروض في الذهن.
وحينئذ نقول : إنّ العقل إذا التفت ونظر إلى معقولاته الأوّليّة الثلاثة أي ( لحاظ الوصف ولحاظ عدمه وعدم اللحاظين ) أمكنه أن ينتزع منها لحاظا جامعا بينها ينطبق عليها جميعا ويكون محفوظا ضمنها. وهذا اللحاظ هو عنوان : ( لحاظ الماهيّة ) من دون أن يؤخذ في هذا اللحاظ أي لحاظ آخر ، لا لحاظ الوصف ولا لحاظ عدم الوصف ولا لحاظ عدم اللحاظين.
فإنّ لحاظ الماهيّة جامع بين هذه اللحاظات الثلاثة لانحفاظه فيها ، فإنّ لحاظ الوصف يتضمّن لحاظ الماهيّة وزيادة وهي لحاظ الوصف ، ولحاظ عدم الوصف يتضمّن لحاظ الماهيّة مع زيادة وهي لحاظ عدم الوصف ، ولحاظ عدم اللحاظ يتضمّن لحاظ الماهيّة مع زيادة وهي عدم اللحاظين. ولذلك لا يكون ( لحاظ الماهيّة ) قسما مباينا لهذه الأقسام الثلاثة ، بل هو جامع بينها لانحفاظه فيها ، والقسم لا ينحفظ في القسم الآخر.
وهذا جامع بين لحاظات الماهيّة الثلاثة في الذهن ، ويسمّى بالماهيّة اللابشرط المقسمي تمييزا له عن لحاظ الماهيّة اللابشرط القسمي ؛ لأنّ ذاك أحد الأقسام الثلاثة للماهيّة في الذهن ، وهذا هو الجامع بين تلك الأقسام الثلاثة.
وهذا المعقول الثانوي وهو ( لحاظ الماهيّة ) جامع بين المعقولات الأوّليّة الثلاثة ؛ لأنّه محفوظ فيها وليس قسما لأنّ القسم لا ينحفظ في القسم الآخر المباين له. ويسمّى هذا الجامع بالماهيّة اللابشرط المقسمي.
ووجه التسمية بذلك لأجل تمييزه عن اللحاظ الثالث أي لحاظ الماهيّة باللابشرط القسمي.
فإنّ اللابشرط موجود فيهما معا إلا أنّ اللحاظ الثالث كان قسما مباينا للحاظين الآخرين ، ولذلك عبّر عنه بالقسمي أي أنّه قسم ثالث. وأمّا هذا اللحاظ الثانوي فهو جامع بين الأقسام الثلاثة ، ولذلك يعبّر عنه بالمقسمي أي أنّه مقسم لجميع هذه الأقسام ، والمقسم هو الجامع المحفوظ ضمن الأقسام.
وبعبارة أخرى نقول : إنّ لحاظ الماهيّة باللابشرط المقسمي من ناحية اللحاظ