تلازم بينهما وجودا وعدما ، فإذا وجد أحدهما ارتفع الآخر وإذا استحال أحدهما وجب الآخر. ولا يمكن استحالتهما معا ولا وجودهما معا.
فإذا كان التقييد في مورد مستحيلا كما في المثال السابق وهو ( أخذ العلم بالحكم في الحكم ) كان ذلك معناه أنّ الإطلاق ضروري الوجود فيكون واجبا ؛ لأنّ النقيضين لا يرتفعان فإذا ارتفع التقييد ثبت الإطلاق لا محالة.
وليس أحدهما مرتبطا بإمكان الآخر ، فإنّ نسبة الإمكان لا تتصوّر بينهما ؛ لأنّه إمّا أن يثبت السلب أو يثبت الايجاب.
وأمّا إذا قيل بأنّ مردّه إلى التضادّ فتقابل التضادّ بطبيعته لا يفترض امتناع أحد المتقابلين بامتناع الآخر ولا ضرورته.
وأمّا بناء على القول الأوّل من أنّهما متقابلان تقابل الضدّين ، فالتضادّ يعني بذاته أنّهما لا يجتمعان على مورد واحد ، وأمّا ارتفاعهما عنه أو عدم ارتفاعهما فهذا قد يكون وقد لا يكون. وعليه فإذا ارتفع أحدهما فقد يرتفع الآخر وقد لا يرتفع ، فإذا استحال أحدهما وامتنع ثبوته ووجوده فقد يستحيل ويمتنع الآخر ، وقد يكون ضروريّا وواجبا. فهناك حالتان من التضادّ إذا ، هما :
١ ـ الضدّان اللذان لهما ثالث كالألوان فإنّ السواد والبياض ضدّان ولكن يوجد لهما ثالث وأكثر كالأخضر وغيره. فهنا إذا وجد أحدهما ارتفع الآخر قطعا ؛ لأنّ الضدّين لا يجتمعان. وأمّا إذا ارتفع أحدهما فليس ضروريّا أن يكون الآخر ثابتا ؛ إذ يمكن ثبوت السواد عند ارتفاع البياض ويمكن ارتفاعه أيضا بأن يثبت الأصفر.
٢ ـ الضدّان اللذان لا ثالث لهما كالطهارة والنجاسة ، فهنا لا يمكن اجتماعهما ، وكذلك إذا ارتفع أحدهما فإنّ الآخر يكون وجوده وثبوته ضروريّا ؛ إذ لا يوجد حالة ثالثة لهما.
ولذلك قال السيّد الشهيد بأنّ التضادّ بطبيعته أي بذاته لا يفترض ارتفاع الآخر عند ارتفاع الأوّل ولا يفترض ضرورة ثبوته عند ارتفاع الأوّل ، بل قد يرتفع كما في الصورة الأولى وقد لا يرتفع كما في الصورة الثانية.
والسيّد الخوئي قال بأنّ الإطلاق والتقييد من الضدّين اللذين لا ثالث لهما كالطهارة والنجاسة ، فتكون النتيجة هنا كالنتيجة مع القول بأنّهما نقيضان.