الكبرى ، هل يقتضي كون المتكلّم في مقام بيان تمام موضوع الحكم بشخص كلامه أو بمجموع كلماته؟
إنّ الظهور الحالي السياقي الذي تعتمد عليه قرينة الحكمة وهو ( كلّ ما لا يقوله لا يريده ) ، والذي يشكّل الكبرى من مقدّمات الحكمة ، ما ذا يراد به؟
هنا احتمالان :
الأوّل : أنّ يراد به أنّ المتكلّم في مقام بيان موضوع حكمه كاملا بشخص كلامه. فالمتكلّم يكون ظاهر حاله بيان تمام مراده الجدّي بهذا الكلام الذي يذكره ، فما دام لم يذكر في كلامه القيد فهو لا يريده جدّا. وبالتالي لا يضرّ وجود القيد المنفصل فيما بعد في رفع أصل انعقاد ظهور الكلام في الإطلاق.
الثاني : أنّ يراد به أنّ المتكلّم في مقام بيان مراده الجدّي لا بشخص هذا الكلام ، وإنّما بمجموع الكلمات الصادرة منه في هذا الموضوع ، فما دام لم ينته من بيان موضوعه فله الحقّ بأن يأتي بما يدلّ على التقييد لاحقا ، كما هو الحال بالنسبة للمدرّس مثلا. وبالتالي يكون ذكر القيد منفصلا عن الكلام الأوّل رافعا لأصل ظهوره في الإطلاق رأسا كما هو الحال بالنسبة للمقيّد المتّصل.
والفارق بين هذين الاحتمالين هو :
فعلى الأوّل يكون صغراه عدم ذكر القيد متّصلا بالكلام ، ويكون ظهور الكلام في الإطلاق منوطا بعدم ذكر القيد في شخص ذلك الكلام ، فلا ينهدم بمجيء التقييد في كلام منفصل.
وعلى الثاني يكون صغراه عدم ذكر القيد ولو في كلام منفصل ، فينهدم أصل الظهور بمجيء القيد في كلام آخر.
فعلى الاحتمال الأوّل من كون المتكلّم في مقام بيان تمام موضوع حكمه في شخص كلامه ، تكون مقدّمات الحكمة عبارة عن عدم ذكر القيد في خصوص هذا الكلام ، أي عدم ذكر القيد متّصلا في الكلام.
وعندئذ تكون الصغرى لهذا الظهور الحالي ( كلّ ما لا يقوله لا يريده ) عبارة عن أنّه لم يذكر القيد ولم يقله في هذا الكلام متّصلا ، فتتمّ المقدّمات وينعقد للكلام ظهور في الإطلاق.