مثال ذلك : أن يسأل السائل عن وجوب إكرام الفقير العادل ، ثمّ يأتي الجواب مطلقا بوجوب إكرام الفقير ، من دون أن يذكر في الكلام قيد العدالة ، فهل يوجب ذلك منع انعقاد الجواب في الإطلاق وانصرافه إلى هذا القدر المتيقّن ، أو لا يوجب ذلك؟
لا إشكال في أنّه إذا كان هناك انصراف للكلام لهذا القدر المتيقّن من باب كثرة الاستعمال أو ندرة الأفراد الأخرى كان الكلام منصرفا إليه ولا ينعقد إطلاقه ؛ لأنّ ذلك يوجب وضعا تعيّنا للفظ في هذا القدر المتيقّن فينصرف الكلام إليه.
إلا أنّ مورد بحثنا ليس هذا النحو من القدر المتيقّن ، ولتوضيح ذلك نذكر الحالات التالية :
فتارة تكون حصصه متكافئة في الاحتمال فيكون من الممكن اختصاص الحكم بهذه الحصّة دون تلك ، أو بالعكس ، أو شموله لهما معا. وهذا معناه عدم وجود قدر متيقّن ، وفي مثل ذلك تتمّ قرينة الحكمة بلا إشكال.
الحالة الأولى : أن تكون حصص المطلق كلّها متكافئة ومتساوية بالنسبة إليه ، بحيث تكون درجة احتمال انطباق المطلق على هذه الحصّة مساويا لدرجة انطباقه على تلك ، ولا ترجيح لانطباقه على إحداهما دون الأخرى. فيمكن أن ينطبق المطلق على هذه الحصّة دون تلك أو العكس ، ويحتمل أيضا شموله لكلّ الحصص ، إلا أنّ انطباقه على إحدى الحصص فقط من دون وجود دليل خاصّ يكون ترجيحا لأحد المتساويين على الآخر بلا مرجّح ، وهو قبيح عقلا.
وحينئذ يقال : إنّ مقدّمات الحكمة تكون تامّة في هذا المورد ؛ لأنّه وإن كان الممكن انطباق المطلق على إحدى الحصص لكنّه يحتاج إلى ذكر ما يدلّ على ذلك ، فما لم يذكر ما يدلّ على ذلك فهو لا يريده جدّا ، فينتج أنّه أراد الشمول لكلّ الحصص لا بعضها فقط.
وفي هذه الحالة لا يوجد قدر متيقّن في البين ؛ لأنّ نسبة الحصص إلى المطلق نسبة واحدة. ولا إشكال عندهم هنا في تحقّق الإطلاق وتماميّة مقدّمات الحكمة.
وثانية تكون إحدى الحصّتين أولى بالحكم من الحصّة الأخرى ، غير أنّها أولويّة