تنبيهات
وتكميلا لنظريّة الإطلاق لا بدّ من الإشارة إلى عدّة تنبيهات :
التنبيه الأوّل : أنّ أساس الدلالة على الإطلاق ـ كما عرفت ـ هو الظهور الحالي السياقي ، وهذا الظهور دلالته تصديقيّة. ومن هنا كانت قرينة الحكمة الدالّة على الإطلاق ناظرة إلى المدلول التصديقي للكلام ابتداء ، ولا تدخل في تكوين المدلول التصوّري.
ولأجل استيعاب البحث حول نظريّة الإطلاق وقرينة الحكمة نذكر عدّة تنبيهات :
التنبيه الأوّل : في أنّ الإطلاق مرتبط بالدلالة التصديقيّة الثانية أي المراد الجدّي ، ولا يرتبط بالمدلول التصوّري.
وتوضيح ذلك : أنّ الإطلاق مرجعه كما تقدّم إلى ظهور حالي سياقي مفاده أنّ ( ما لا يقوله لا يريده ). وهذا الظهور مرتبط بمراد المتكلّم الواقعي في مرحلة الثبوت ، فإنّ مراده لا يخلو إمّا أن يكون منصبّا على الصورة الذهنيّة المطلقة ، أو على الصورة الذهنيّة المقيّدة. ومعرفة هذا المراد الجدّي والاستدلال عليه مرتبط بالمتكلّم وإرادته ، وأنّه في مقام البيان والتفهيم لتمام مراده فإذا لم يذكر القيد ولم يقله فهو لا يريده ، فالإطلاق يعتمد إذا على تحديد المراد الجدّي.
ومن المعلوم كما تقدّم أنّ المراد الجدّي يتمّ تحديده على أساس الدلالة التصديقيّة الثانية ، وهذه الدلالة خارجة عن المدلول اللفظي ؛ لأنّ المدلول اللفظي للكلام يتمّ تحديده من خلال الدلالتين التصوريّة والتصديقيّة الأولى.
فمثلا إذا قيل : ( أكرم العالم ) كان المدلول التصوّري للعالم هو ذات المفهوم والماهيّة ؛ لما تقدّم سابقا من أنّ اسم الجنس موضوع لذات الماهيّة بما هي هي مجرّدة عن التقييد والإطلاق ، ثمّ على أساس التطابق بين الدلالة التصوّريّة والدلالة التصديقيّة