واحد وهو بمعنى كون الطبيعة والماهيّة من دون قيد في موضوع الحكم. فقولنا : ( لا تحدث ) و ( صلّ ) يجري الإطلاق ومقدّمات الحكمة فيهما على حدّ سواء ، والنتيجة واحدة وهي أنّ الطبيعة لم يؤخذ فيها قيد أصلا.
فالصحيح أنّ منشأ الاختلاف هو التحليل العقلي القائل بأنّ الطبيعة والماهيّة توجد بفرد من أفرادها ولا تنعدم إلا بانعدام كلّ أفرادها.
وعلى هذا الأساس نقول : إنّ الأمر يستدعي إيجاد الطبيعة ، وهذا يكفي فيه إيجاد فرد من الأفراد فيتحقّق الامتثال ويسقط التكليف. بينما النهي يستدعي إعدام الطبيعة ، وهذا لا يكفي فيه إعدام بعض أفرادها ؛ لأنّها تبقى موجودة ضمن البعض الآخر. ولذلك كان إعدامها يقتضي إعدام كلّ أفرادها ؛ ليتحقّق الامتثال ويسقط التكليف.
التنبيه الرابع : أنّه في الحالات التي يكون الإطلاق فيها شموليّا يسري الحكم إلى كلّ الأفراد ، فيكون كلّ فرد من الطبيعة المطلقة شموليّا موضوعا لفرد من الحكم ، كما في الإطلاق الشمولي للعالم في ( أكرم العالم ).
التنبيه الرابع : في تصوير الشموليّة وتعدّد الحكم.
تقدّم سابقا أنّ الشموليّة تعني تعدد الحكم وتكثّره تبعا لتعدّد الأفراد وكثرتها ، بحيث يكون لكلّ فرد من الأفراد حكم مستقلّ يجب امتثاله ويكون له ثواب وعقاب مستقلاّ عن بقيّة الأفراد ، فإذا قيل : ( أكرم العالم ) وجرت قرينة الحكمة يثبت وجوبات عديدة بتعدّد الأفراد لماهيّة العالم ، فلكلّ عالم وجوب وامتثال وعصيان وعقاب وثواب مستقلاّ عن سائر الأفراد. فالشموليّة تعني السريان للحكم من الطبيعة إلى الأفراد بعد جريان الإطلاق ومقدّمات الحكمة.
والسؤال هنا : أنّ هذا التكرار والشموليّة في الحكم هل هي ثابتة في عالم الجعل أو في عالم المجعول؟
والمقصود من عالم الجعل التشريع والواقع الثبوتي ، بينما المقصود من عالم المجعول هو عالم الخارج ، حيث يكون الحكم فعليّا تبعا لفعليّة القيود والشروط وتحقّقها في الخارج.
والجواب : أنّ الشموليّة والسريان بلحاظ عالم المجعول والفعليّة. وتوضيح ذلك :