ولذلك كان قيد ( المدلول عليه باللفظ ) مخرجا للإطلاق الشمولي ؛ لأنّه ليس مدلولا للّفظ بل هو مدلول لقرينة الحكمة وعالم المجعول والفعليّة (١).
ودلالة الكلام على الاستيعاب تفترض عادة دالّين :
أحدهما : يدلّ على نفس الاستيعاب ، ويسمّى بأداة العموم.
والآخر : يدلّ على المفهوم المستوعب لأفراده ، ويسمّى بمدخول الأداة.
ففي قولنا ( أكرم كلّ فقير ) الدالّ على الاستيعاب كلمة ( كلّ ) ، والدالّ على المفهوم المستوعب لأفراده كلمة ( فقير ).
ثمّ إنّ الدلالة على الاستيعاب والعموم تفترض عادة وجود دالّين ، وهذا يتمّ في الأدوات التي تدلّ على الاستيعاب والعموم بنحو المعنى الاسمي ، من قبيل ( أكرم كلّ عالم ) حيث نحتاج إلى دالّ على الاستيعاب وإلى مدخول لأداة العموم فقط.
وأمّا في الأدوات التي تدلّ على الاستيعاب والعموم بنحو المعنى الحرفي فالدلالة تحتاج إلى ثلاثة دوالّ هي : الأداة والمدخول والنسبة.
ففي الأدوات الدالّة على الاستيعاب بنحو المعنى الاسمي يوجد دالاّن هما :
الأوّل : الدالّ الذي يدلّ على الاستيعاب والعموم ويسمّى بأداة العموم من قبيل كلمة ( كلّ ) في قولنا : ( أكرم كلّ عالم ) ، فإنّ الدالّ على الاستيعاب هنا هو كلمة ( كلّ ) ؛ لأنّها موضوعة لغة للعموم والاستيعاب. فإذا لم يكن هذا الدالّ موجودا فلا استيعاب ولا عموم من قبيل المركّبات والأعداد ، كالعشرة فإنّها تشمل أفرادها لا من باب العموم بل من باب دلالة الشيء على نفسه وأجزائه التي يتركّب منها ، فإنّ هذه الأجزاء صفة واقعيّة للعشرة إذا فقد جزء منها تنعدم العشرة.
وثانيا : الدالّ الذي يدلّ على المفهوم المستوعب لأفراده ويسمّى بمدخول الأداة من قبيل كلمة ( فقير ) في قولنا : ( أكرم كلّ فقير ) فإنّ الدالّ على المفهوم الذي استوعب أفراده هو كلمة ( فقير ).
__________________
(١) ويمكن تعريف العامّ بقولنا : ( هو استيعاب مفهوم وضعا لمفهوم آخر ) ، فإنّ كلمة ( كلّ ) تستوعب كلّ أفراد مفهوم ( العالم ) في قولنا : ( أكرم كل عالم ) ، فالعموم سنخ مفهوم يدخل على مفهوم آخر فيستوعب أفراده التي ينطبق عليها.