فالدلالة على العموم تعتمد عادة على هذين الدالّين ، فإذا فقد أحدهما لم يكن هناك عموم واستيعاب.
وأداة العموم الدالّة على الاستيعاب : تارة تكون اسما وتدلّ على الاستيعاب بما هو مفهوم اسمي كما في ( كلّ ) و ( جميع ) وكافّة وعامّة ) ، وأخرى تكون حرفا وتدلّ عليه بما هو نسبة استيعابيّة كما في ( لام الجمع ) في قولنا : ( العلماء ) بناء على أنّ الجمع المعرّف بـ ( اللام ) يدلّ على العموم ، فإنّ أداة العموم فيه هي ( اللام ) ، واللام حرف ، فإذا دلّت على الاستيعاب فهي إنّما تدلّ عليه بما هو نسبة. وسيأتي تصوير ذلك إن شاء الله تعالى.
تنقسم الأدوات الدالّة على العموم إلى قسمين :
الأوّل : الأدوات الدالّة على العموم بنحو المعنى الاسمي فتكون دالّة على الاستيعاب والعموم بما هو مفهوم اسمي ، من قبيل دلالة ( كلّ وجميع وكافّة وعامّة ) ، فإنّ هذه الألفاظ موضوعة لغة للدلالة على العموم ، وبما أنّها أسماء فهي تدلّ على العموم بنحو المعنى الاسمي ، أي على مفهوم العموم والاستيعاب بما هو صورة ذهنيّة يمكن أن يتصوّر مستقلاّ عن الطرفين والنسبة.
فكلمة ( كلّ ) مثلا موضوعة لغة لمفهوم العموم والاستيعاب ، سواء كانت ضمن طرفين أو لا ، ولذلك لا تحتاج إلى النسبة والطرفين في الخارج ، بل هي كصورة ومفهوم تدلّ على العموم ، ولذلك يصحّ وضع كلمة ( عموم ) مكانها.
نعم ، يختلف نحو دلالتها على العموم باختلاف مدخولها ، فتارة تدلّ على استيعاب الأجزاء من قبيل ( اقرأ كلّ الكتاب ) ، وأخرى تدلّ على استيعاب الأفراد من قبيل ( اقرأ كلّ كتاب ). وسيأتي توضيح ذلك.
الثاني : الأدوات الدالّة على العموم بنحو المعنى الحرفي فتكون دالّة على النسبة الاستيعابيّة ، ولذلك فهي تحتاج دائما إلى الطرفين ؛ لأنّ النسبة يستحيل تعقّلها من دون طرفين كما تقدّم في بحث المعاني الحرفيّة.
فمثلا ( الألف ) و ( اللام ) في الجمع تدلّ على العموم بنحو المعنى الحرفي في قولنا : ( أكرم العلماء ) ، ودلالتها عليه بنحو النسبة الاستيعابيّة ؛ لأنّ الحروف موضوعة لغة للنسب باختلاف أنحائها ، فتكون ( الألف ) و ( اللام ) الداخلة على الجمع ـ بناء على