وأخرى تكون تطبيقات المفهوم على أفراده طوليّة ، بمعنى أنّ بعضها يكون بديلا عن البعض الآخر في حالة عدم وجوده أو عند عدم تطبيق المفهوم عليه.
فإذا كانت التطبيقات في مرتبة طوليّة تبادليّة كان العموم بدليّا من قبيل ( أكرم أيّ عالم ) أي أنّ كلّ فرد من أفراد العالم يمكن تطبيق المفهوم عليه ويكون صالحا لذلك ، إلا أنّه لا يجب التطبيق عليها جميعا ، بل يكفي تطبيقه على واحد منها فقط على نحو يكون له بدل في حالة عدم تطبيق المفهوم عليه.
وأمّا إذا كانت التطبيقات على الأفراد في مرتبة عرضيّة أي الأفراد كلّها كانت في رتبة واحدة ، فهنا إذا كان هناك عناية توجب كون هذه التطبيقات العرضيّة للأفراد بنحو واحد أي الأفراد مجتمعة معا كان العموم مجموعيّا ، من قبيل ( أكرم مجموع العلماء ) أو ( أكرم كلّ عشرة من العلماء ). وإذا لم يكن هناك عناية زائدة كانت التطبيقات العرضيّة على الأفراد بنحو الاستقلال أي لكلّ فرد منها تطبيق مستقلّ عن الآخر ، فالعموم استغراقي من قبيل ( أكرم كلّ عالم ) أي كلّ فرد فرد مستقلاّ عن الآخر.
وقد يقال (١) : إنّ انقسام العموم إلى هذه الأقسام إنّما هو في مرحلة تعلّق الحكم به ؛ لأنّ الحكم إن كان متكثّرا بتكثّر الأفراد فهو استغراقي ، وإن كان واحدا ويكتفى في امتثاله بأيّ فرد من الأفراد فهو بدلي ، وإن كان يقتضي الجمع بين الأفراد فهو مجموعي.
ذكر صاحب ( الكفاية ) أنّ هذه الأقسام الثلاثة المذكورة لا ترجع إلى العموم ، فإنّ العموم فيها بمعنى واحد وهو شمول المفهوم لما يصلح أن ينطبق عليه من الأفراد للمدخول ، فإنّ المدخول في الثلاثة يصلح لأن ينطبق على كلّ أفراده. فلا فرق بين قولنا : ( أكرم كلّ عالم ) و ( أكرم أيّ عالم ) و ( أكرم مجموع العلماء ) من ناحية كون العموم فيها جميعا بالنحو الذي ذكرناه.
نعم ، يأتي هذا التقسيم بلحاظ تعلّق الحكم وكيفيّته في عالم الجعل والتشريع.
وتوضيحه : أنّ الحكم إن كان متعدّدا ومتكثّرا بلحاظ تعدّد وتكثّر الأفراد بحيث يكون لكلّ فرد امتثالا وعصيانا خاصّا به كان الحكم بنحو العموم الاستغراقي.
__________________
(١) قاله المحقّق الخراساني في كفاية الأصول : ٢٥٣.