الدعوى الأولى : أن تكون ( اللام ) الداخلة على الجمع موضوعة لغة لإفادة العموم والاستيعاب ، بخلاف ( اللام ) الداخلة على المفرد فإنّها لا تدلّ على العموم ، وهذا يفترض كون ( اللام ) مشتركا لفظيّا لئلاّ يلزم المجازيّة في البين ، فتكون ( اللام ) موضوعة لغة لوضعين :
الأوّل : ( اللام ) الداخلة على المفرد المفيدة للعهد والتعيين أو للجنس كقولنا : ( قرأت الكتاب ) و ( أكرم العالم ).
الثاني : ( اللام ) الداخلة على الجمع المفيدة للعموم والاستيعاب كقولنا : ( أكرم العلماء ).
فإذا ثبت ذلك كان العموم المستفاد من ( اللام ) الداخلة على الجمع بالوضع فلا يحتاج إلى مئونة وعناية زائدة ، بل يتمسّك بأصالة الحقيقة في الوضع لإثبات الوضع.
وإمّا أن يدّعى أنّها تدلّ على معنى واحد في موارد دخولها على المفرد وعلى الجمع ، وهو التعيّن في المدخول ، على ما تقدّم في معنى ( اللام ) الداخلة على اسم الجنس في الحلقة السابقة (١).
الدعوى الثانية : أن تكون ( اللام ) موضوعة لغة لوضع واحد ومعنى فارد سواء كانت داخلة على المفرد أو على الجمع ، وهذا المعنى هو التعيين في المدخول.
وعليه فلا يفترق قولنا : ( أكرم العالم ) عن قولنا : ( أكرم العلماء ) في كون ( اللام ) الداخلة على المفرد والجمع مفيدة للتعيين في المدخول ؛ لأنّ الأصل في ( اللام ) أن تدلّ على العهد وهو معناه التشخّص والتعيّن في المدخول.
فتكون الصورة الذهنيّة المفادة من المدخول معهودة ومشخّصة ومعيّنة ، سواء بالعهد الذكري أو الحضوري أو بالاستئناس الخاصّ أو العامّ في الذهن. غاية الأمر أنّ التعيّن يختلف معناه من جهة المدخول لا من جهة ( اللام ) وتوضيحه :
فإذا كان مدخولها اسم الجنس كفى في التعيّن المدلول عليه بـ ( اللام ) تعيّن الجنس الذي هو نحو تعيّن ذهني للطبيعة ، كما تقدّم (٢) في محلّه.
فإذا دخلت ( اللام ) على اسم الجنس كقولنا : ( أكرم العالم ) كانت مفيدة للتعيّن
__________________
(١) وفي بحث الإطلاق ، تحت عنوان : الحالات المختلفة لاسم الجنس.
(٢) الحلقة الثانية ، في نفس البحث وتحت نفس العنوان.