فهناك دالاّن كلمة ( كلّ ) الدالّة على الاستيعاب وكلمة ( عالم ) الدالّة على الطبيعة التي استوعبت أفرادها. وهكذا الحال بالنسبة للإطلاق الشمولي فتحتاج إلى دالّين أيضا كقولنا : ( أكرم العالم ) ، فإنّ كلمة ( العالم ) دالة على الطبيعة والماهيّة وقرينة الحكمة تدلّ على الشمول لكلّ أفراد هذه الطبيعة.
وهنا نحتاج إلى دالّين على هذه الشموليّة ولا بدّ أن يكونا معا مفهومين اسميّين ؛ لأنّ الحروف تحتاج إلى طرفين ومفهومين اسميّين تربط بينهما. وهنا السياق المفروض دلالته على العموم من الهيئات التركيبيّة والهيئات كلّها معان حرفيّة موضوعة للنسب على اختلافها ، والنسبة متقوّمة بطرفيها كما تقدّم.
وحينئذ نسأل : ما هو المفهوم الذي استوعبت كلّ أفراده؟
والجواب : أنّه لا يوجد في قولنا : ( لا تكرم فاسقا ) أو ( ما أكرمت فاسقا ) إلا كلمة ( فاسق ).
وعندئذ يشكل عليهم بأنّ كلمة الفاسق الواردة في السياق منوّنة بتنوين التنكير وهو يفيد الإطلاق البدلي ؛ لأنّ النكرة المنوّنة تفيد الوحدة وهي تتناسب مع الإطلاق البدلي فيكون هناك شموليّة بدليّة بين الأفراد. بينما المطلوب هنا أن يكون هناك مفهوم يدلّ على الشموليّة العرضيّة بين الأفراد بحيث تكون الأفراد كلّها في مرتبة واحدة وينطبق عليها المفهوم كلّها معا دون تفاوت بينها. فكيف حصل الاستيعاب والشمول إذا؟!
والحاصل : أنّ المفهوم الاسمي الموجود هو النكرة المنوّنة وهي دالّة على الشيوع والشمول البدلي العرضي ، والمطلوب من المفهوم المستوعب أن يكون شاملا لأفراده عرضيّا لا بدليّا.
وعليه ، فمن أين يأتي هذا المفهوم الاسمي الذي ينطبق ويشمل كلّ أفراده بعرض واحد لكي يكون هناك استيعاب وشمول سواء بنحو العموم أو الإطلاق؟
ومن هنا نحتاج إذا إلى تفسير للشموليّة التي نفهمها من النكرة الواقعة في سياق النهي والنفي ، ويمكن أن يكون ذلك بأحد الوجهين التاليين :
والصحيح أنّ النكرة الواقعة في سياق النهي أو النفي تدلّ على الشمول إلا أنّ هذه الشموليّة ليست بنحو العموم لما تقدّم آنفا. وعليه ، فنحتاج إلى تفسير آخر غير العموم