الأخلاق ، وكان أفضل الناس مروءة ، وأحسنهم خلقا ، وأصدقهم حديثا ، وأجملهم صحبة وجوارا ، وأعظمهم حلما ، وأكرمهم حسبا ، وله في ذلك من مكارم أخلاقه وفضله وبرهان نبوته ودلائلها ما يخرج ذكره عن حدّ هذا الكتاب حتى إنهم كانوا يسمّونه الأمين لما رأوا من أمانته وطهارته ومكارم أخلاقه ونزاهته وبراءته من كل فاحشة ونقيصة.
[١٤٦] وكان مما يؤثر عنه صلوات الله عليه وآله ، إنه قال : كنت يوما وأنا صبي ألعب مع الصبيان من قريش ، فجعلت أنقل حجارة لبعض ما كنا نلعب ، فرأيت كل واحد من الصبيان قد نزع إزاره فألقاه على عاتقه لمكان الحجر الذي يحمله ليقيه منه ، وبقوا عراة ، فذهبت لأفعل مثل ما فعلوا (١) فلما أن مددت يدي لأحل إزاري لكمني لاكم لكمة (٢) وجيعة ، وقال : لا تحل إزارك واشدده على نفسك ولا تكشف سوأتك ، فجعلت أنظر يمينا وشمالا فلا أرى أحدا ، فتركت ما أردته من أخذ إزاري وشددته على نفسي حسب ما كان ، وجعلت أنقل الحجارة على عاتقي.
وبلغ رسول الله صلوات الله عليه وآله مبلغ الرجال وقد استفاضت الأخبار عنه في الناس بطهارته ومكارم أخلاقه وصيانته وعفافه وورعه ،
__________________
(١) وقد ذكر علي بن برهان الحلبي في السيرة الحلبية ١ / ١٩٩ ما مفاده إنه حل إزاره ومشى عاريا ( راجع تخريج الأحاديث ) وهذا ينافي عصمته وما أثر عنه من العفة والحياء. وقد روى ابن شهر اشوب في مناقبه ١ / ٣٦ : عن ابن عباس : قال أبو طالب لأخيه : يا عباس ، أخبرك عن محمد ، اني ضممته فلما افارقه ساعة من ليل أو نهار فلم آتمن احدا حتى نومته في فراشي ، فأمرته أن يخلع ثيابه وينام معي ، فرأيت في وجهه الكراهية. فقال : يا عماه اصرف بوجهك عني حتى أخلع ثيابي وأدخل فراشي ، فقلت له : ولم ذلك؟ فقال : لا ينبغي لأحد أن ينظر الى جسدي ، فتعجبت من قوله وصرفت بصري عنه. الحديث.
(٢) اللكمة : الضرب بجميع الكف.