فوق قسمته ، وعلى الراعي إيصال درهم إليه فوق حقه ، والإغضاء له من غير حقه ، وأخذ يخبط البلاد بالظلم فيطؤها بالغشم (١) ، فمن تابعه أرضاه ، ومن خالفه ناواه ثم توجه إليّ ناكثا (٢) عائثا في البلاد شرقا وغربا ويمينا وشمالا ، والأنباء تأتيني والأخبار ترد عليّ.
فأتاني أعور ثقيف (٣) ، فأشار عليّ أن اوّليه الناحية التي هو بها لأداريه ذلك ، وكان في الذي أشار به عليّ الرأي فيأمر الدنيا لو وجدت عند الله مخرجا في توليته ، وأصبت لنفسي فيما أتيت من ذلك عذرا ، فأعملت فكري في ذلك ، وشاورت فيه من أثق به وبنصيحته لله ولرسوله وللمؤمنين (٤) وكان رأيه في ابن آكلة الأكباد (٥) كرأيي فيه ينهاني عن توليته ، وحذرني أن أدخله في أمر المسلمين ، فلم يكن الله ليعلم أني متخذ المضلّين عضدا ، فوجهت إليه أخا بجيلة (٦) وأخا الأشعريين مرة (٧) وكلاهما ركنا الى ديناه ، واتبعا هواه.
فما لم أره يزداد فيما هتك من محارم الله عزّ وجلّ إلا تماديا شاورت من معي من أصحاب محمد صلوات الله عليه وآله البدريين الذين ارتضى الله أمرهم للمسلمين فكلّ (٨) يوافق رأيه [ رأي في ] غزوته ،
__________________
(١) الغشم : الظلم وبابه ضرب ( مختار الصحاح ص ٤٧٥ ).
(٢) وفي الأصل : ناكصا.
(٣) إشاره الى مغيرة بن شعبة الثقفي.
(٤) وفي نسخة ب : للمسلمين.
(٥) ابن آكلة الأكباد هو معاوية وامّه التي أكلت كبد حمزة حقدا وتشفّيا.
(٦) إشارة إلى جرير بن عبد الله البجلي.
(٧) يعني : زياد بن النضر أو أبا موسى الأشعري. ويشير المؤلف الى قضيتهما فيما بعد.
(٨) وفي الأصل : فكلا.