بالملازمة بينه وبين معناه ، حيث انّه لا يوجب خصوصية بينه وبين اللفظ بنفسهما. ولا يخفى انّ تبادر الوجوب من الصيغة ـ على القول بكونها للقدر المشترك ـ لو كان أكثر استعمالها فيه ، فنقول :
انّها وان كانت مجدية إلاّ انّها غير ثابتة ، لانّ استعمالها في غير الوجوب أكثر من استعمالها فيه ، ولو كان لأكملية الوجوب [ من ] (١) الندب حيث انّ الطلب في الوجوب آكد منه في الندب ، فنقول فيه : انّ الأكملية لا توجب الانصراف ما لم توجب مؤانسة الذهن بالمعنى من اللفظ ، وإلاّ توجب انصراف السواد المطلق الى السواد الشديد والانسان الى خاتم النبيين صلىاللهعليهوآله .
نعم يمكن دعوى تبادر الوجوب بمقدمات الحكمة بأن يقال : الوجوب هو الطلب الأكيد فكان هو الطلب الخالص المرسل ، بخلاف الندب فانّه لتحديده بمرتبة لازمها عدم المنع في الترك ، فكأنّه منفصل بفصل عدمي. فبعد تمامية المقدمات : من كون المتكلم في مقام البيان ، وعدم نقض الغرض في ناحيته مع نصب قرينة في البين ، لا بد من حمله على الايجاب ، لما عرفت من عدم زيادته من جنسه في نظر العرف ؛ بخلاف الندب فانّه لتقييده بالمرتبة المحدودة ، فلو كان هو المراد فلا بد من قرينة عليه وإذ ليس فليس ؛ كما سيظهر في الوجوب النفسي والتعييني ومقابلهما.
تنبيه : قد عرفت مما ذكرنا آنفا ظهور صيغة الامر في الوجوب امّا وضعا أو اطلاقا بمقدمات الحكمة. ولكن قد استشكل فيما ذكرنا صاحب المعالم (٢) حيث قال انّه يستفاد من أحاديثنا المروية عن الائمة عليهمالسلام انّ استعمال الامر في الندب كان شائعا في عرفهم بحيث صار من المجازات الراجحة المساوي احتمالها من
__________________
(١) في الاصل الحجري ( في ).
(٢) معالم الدين : ٥٣ والطبعة الحجرية : ٤٨.