وربّما يتوهم : انّ المقدمة على هذا متحدة مع ذيها وجودا بارجاع الامر بايجاد العلم ـ لعدم تعلق القدرة به ـ الى مقدماته ، غاية الامر يفرّق بينهما بتغاير العنوانين كما يظهر من التقريرات. (١)
ويدفع : بأنّ تحصيل المعرفة مقدور بالواسطة ، وهو كاف في تعلق الامر به كما في مطلق الافعال التوليدية ؛ ولولاه لما كان تعدد العنوان مجديا في تعدد الامر الغيري والنفسي بالنسبة الى المصداق ، لما عرفت من انّ ملاك الامر الغيري انما هو في ما هو المقدمة بالحمل الشائع ، لا بعنوانه ، لعدم كونه مما يتوقف عليه الواجب كما لا يخفى.
١٨٣ ـ قوله : « ومنها : تقسيمها : الى المتقدم والمقارن ، والمتأخر بحسب الوجود بالاضافة الى ذي المقدمة ». (٢)
لما كان الشرط من اجزاء العلة التامة ـ وقضية العلية تقدمها بجميع اجزائها على المعلول ذاتا ومقارنتها معه زمانا بحيث يستحيل وجوده حال عدمها ولو بانتفاء بعض اجزائها ، لأنه : ان لم يكن لذات الجزء دخل في الطبيعة أصلا فيلزم امّا الخلف لو لم يكن ذلك بجزء العلة وامّا وجود المعلول بلا علته وهو محال ، وان كان له دخل فيه فيلزم استناد الموجود الى المعدوم لأنه حال وجوده غير مؤثر شيئا وانما التأثير حال عدمه وهو محال ـ فاللازم عدم صحة الشرط المتأخر.
ولا فرق في ذلك بين العلة التامة وجزئها ، ولا بين المعدوم الصرف الذي سيوجد ، للعلم بالملاك وهو دخل المعدوم حال التأثير في المعلول بحيث لو قلنا بجواز ذلك لزم سدّ باب اثبات الصانع ، لانّ عمدة الدليل على الاثبات هو لزوم الدور والتسلسل.
__________________
(١) مطارح الانظار : ٤٢ السطر ١٨ ـ ٢١ ، والطبعة الحديثة ١ : ٢٢٠.
(٢) كفاية الاصول : ١١٨ ؛ الحجرية ١ : ٨٠ للمتن و ١ : ٨٥ العمود ٢ للتعليقة.