وفعله حراما ، وإلاّ لزم اتصاف العدم بغير حكم الوجود بناء على عدم خلوّ الواقعة عن الحكم ومنه الحرمة ، فيلزم منه طلب المتضادين.
وفيه : انّ مجرد التلازم في الوجود الخارجي لا يقتضي المشاركة في الحكم ولو كانا معلولي علة ثالثة ، لعدم الاستحالة عقلا في عدم اتحادهما في الحكم لو لم يكن في أحدهما ما كان موجبا لثبوت الحكم في الآخر من المصلحة والمفسدة ؛ بل ولا مانع من اختلافهما في الحكم الواقعي لو كان في كل واحد ما يقتضي خلاف حكم الآخر من المصلحة والمفسدة.
نعم لا يمكن اختلافهما في الحكم الفعلي ، لاستلزامه المحال من طلب المتضادين ، أو اجتماع المتناقضين من جواز الترك وعدمه كما لا يخفى.
والحاصل : انّ التلازم في الوجود ولو اتفاقا لا يقتضي إلاّ عدم اختلافهما في الحكم الفعلي وان كانا كذلك في الحكم الواقعي.
وما اشتهر من « عدم خلوّ الواقعة » (١) على تقدير التسليم انما هو بالنسبة الى الحكم الواقعي ، لما ورد في الاخبار من جعل الشارع الحكم لجميع الوقائع وعدم خلوّها عن الحكم ، وامّا بالنسبة الى الحكم الفعلي فلا كما لا يخفى.
٢٥٧ ـ قوله : « الامر الثالث : انّه قيل بدلالة الامر بالشيء بالتضمن على النهي عن الضد العام بمعنى الترك ». (٢)
وليعلم : انّ حرمة الضد الخاص ـ على القول به ـ منحصر بالالتزام اللفظي أو العقلي ؛ وامّا الضد العام فيدور بين العينية مصداقا أو التضمن أو الالتزام لفظا أو عقلا ، حيث انّ الامر بالشيء يدل على الوجوب المركب من طلب الفعل
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٩ باب ( الرد الى الكتاب والسنة ... وجميع ما يحتاج الناس اليه ... ) عدة احاديث ؛ و ٣ : ٦٩ باب ( النوادر ) الآتي بعد باب ( الكسير والمجدور ... الخ ) الحديث ٣ ، وغيرها بهذا المعنى كثير.
(٢) كفاية الاصول : ١٦٤ ؛ الحجرية ١ : ١١٣ للمتن و ١ : ١١٦ للتعليقة.