النهي ، سواء قلنا بدلالتها على الحرمة أيضا ، أو عقلي؟ واقع في المنافاة بين الحرمة والصحة وان لم يكن لفظ في البين ، ويكون التعبير بالنهي لكونه الغالب في ورود التحريم به.
وجهان :
يشهد للثاني قول أبي حنيفة (١) بدلالة النهي على الصحة ، فانه لاجل انّ الحرمة لا تتعلق بالمقدور ولا يكون كذلك إلاّ أن يكون متعلقه صحيحا وإلاّ لكانت الحرمة متعلقة بغير المقدور وهو كما ترى.
ولكن الاقوى جعل النزاع لفظيا ، كما يشهد به ملاحظة أدلتهم وجعل الدلالة لغة في عداد الاقوال ، وتكون دعوى الملازمة بين الحرمة والفساد في العبادات من مبادئ اثبات الدلالة الالتزامية اللفظية ، ويكون اثبات الفساد باللفظ في المعاملات بحمله على الارشاد وفي العبادات بحمله على الأعم منه ومن الحرمة الذاتية ، لثبوت الفساد فيها على كلا النحوين ؛ فعلى ذلك يكون اثبات الفساد في العبادات ـ فيما كانت الحرمة بدليل لبّي ـ من باب الاستطراد.
وان أبيت إلاّ عن كون النزاع في العبادات عقليا ـ ولا أقل فيما اذا ثبتت الحرمة فيها بدليل لبّي ـ فالأولى التفصيل في محل النزاع : بين كون المنهي عنه من العبادات فالنزاع في الأعم من كون الدلالة لفظية أو عقلية ، وبين كونه من المعاملات فالنزاع من جهة دلالة اللفظ فقط.
٣٢٦ ـ قوله : « إلاّ انّ ملاك البحث يعم التنزيهي ». (٢)
وهو عدم صلاحية المبغوض لأن يتقرب به اليه تعالى ، وهو يجري في غيره من النهي الغيري والتنزيهي أيضا ، لمكان عدم اجتماع الرجحان العبادي مع
__________________
(١) منتهى الوصول والامل : ١٠١ ؛ شرح تنقيح الفصول : ١٧٣.
(٢) كفاية الاصول : ٢١٨ ؛ الحجرية ١ : ١٥٠ للمتن و ١ : ١٤٧ للتعليقة.