مجرد خطور المعنى عند سماع اللفظ فليسا بمسندين الى الوضع الاول ، بل الى علم المخاطب بامور منها الوضع ، والثاني لازم أعم ، ولذا يتحقق ولو لم يكن وضع في البين ، كما لو نص الواضع على عدم وضع اللفظ المخصوص فانّه يخطر المعنى عند المخاطب العالم بهذا القول بمجرد سماع اللفظ.
وأمّا أسبابه :
فأحدها : جعل الواضع ابتداء طبيعة اللفظ موضوعا للمعنى الخاص ، بلا استعمال في البين ، بل وإن لم يلحقه استعمال أبدا.
وثانيها : استعمال شخص من اللفظ ـ الذي ليس موضوعا في معنى خاص ـ بقصد تحقق الوضع له بنفس هذا الاستعمال ، كما في استعمال لفظ ( المبارك ) في ولده في مقام التسمية فانّه في هذا المقام تتحقق التسمية بنفس هذا الاستعمال بلا سبق وضع ولا لحوقه أبدا ؛ ومن المعلوم انّ استعمال شخص اللفظ بهذا القصد يكون انشاء لوضع طبيعته الكلية ، ولا يكون هذا الاستعمال حقيقة لعدم سبق الوضع ، بل ولا مقارنا معه لتحققه بعد تمامية هذا الاستعمال ، ولا مجازا كما هو واضح ، ولا يضر ذلك في صحته بعد ما سيجيء من انّها بالطبع وان لم يكن وضع شخصا ولا نوعا كما في استعمال ( اللفظ ) في اللفظ.
وثالثها : كثرة الاستعمال من شخص واحد أو من أهل المحاورة بحيث توجب الكثرة تحقق انس بين اللفظ والمعنى ، ويشتد ذلك الانس بكثرة الاستعمال الى حيث يصل الى حد العلقة الوضعية.
ولكنه يقع الكلام في انّ حقيقة الوضع وذاك الاتحاد هل يحصل بنفس الاستعمال بعد الكثرة قهرا ولو لم يتحقق بعد استعمال بهذا القصد؟ ولا بد بالأخرة من الاستعمال الكذائي وإلاّ لما وصل الى حد الحقيقة ، كما مال اليه المصنف في مجلس الدرس ، حيث انّ الاستعمالات المجازية السابقة الصحيحة لا بد أن تكون