مع القرينة متصلة كانت أو منفصلة ؛ والاستعمال الكذائي وان بلغ من الكثرة ما بلغ لم يصل الى حد الحقيقة ، لانّ اللفظ مع القرينة لا يحصل فيه مرتبة الانس الحقيقي والارتباط الوضعي بين حاقّه والمعنى ، بل بينه مع القرينة وبين المعنى.
وما اشتهر من بلوغ الانس بسبب الكثرة الى حيث يتبادر منه معناه بلا قرينة ، ففيه انه :
إن اريد أنه يتبادر باشتهار القرينة فهي رجوع الى الانفهام مع القرينة.
وإن اريد أنّه يتبادر من حاقّه ، ففيه : انّ الاستعمال في المعنى ما لم يتكثر من نفس اللفظ وحده فكيف تحصل مرتبة الاتحاد بين اللفظ بحاقه وبين المعنى؟
وحاصل الاشكال يرجع الى أمرين :
أحدهما : من جهة احتياج المجاز الى القرينة ؛ ولازمه حصول الانس بين اللفظ مع القرينة وبين المعنى المجازي ، لا بين اللفظ المجرد وبينه ؛ ومن المعلوم انّ المجدي هو الثاني لا الاول.
والثاني : انّ لحاظ المعنى المجازي في عالم الاستعمال مسبوق بلحاظ الحقيقي حتى تلاحظ المناسبة بينهما ولو اجمالا ، وإلاّ لما صح الاستعمال ، فلا تصير ملاحظة المعنى المجازي أكثر من المعنى الحقيقي حتى يحصل الانس بينه وبين اللفظ.
ولكن الانصاف حصول الوضع التعييني بكثرة الاستعمال مجازيا ، ولا اعتناء بما ذكر من الاشكال.
امّا الثاني : فلأنّ اللحاظ الموجب للانس هو اللحاظ الاستعمالي من اللفظ ، لا اللحاظ السابق عليه مقدمة له كما لا يخفى.
وامّا الاول : فلأنّ دلالة اللفظ مع القرينة على المعنى المجازي :
تارة : تكون بارادته منهما مركبا بنحو يكون الدال مركبا والمدلول واحدا.