الثالث : أن يلتزم بتخصيص الادلة الدالة على كون متعلق النذر راجحا في نفسه ، فيلتزم بصحته في الموردين بدليل صحة النذر فيهما دون غيرهما من الموارد ، لعدم دليل على التقييد.
وامّا الجواب عن اشكال قصد القربة :
ففي الاولين : بكون القربة بداعي الرجحان النفسي الذي لم يحصل في العبادات إلاّ اذا أتى بها بالقربة حيث انّ الصوم والاحرام منها.
وفي الاخير : من جهة لزوم الوفاء بالنذر المتعلق بما كان على تقدير الامر به من العبادات المتوقفة على القربة ، غير الحاصلة منها الغرض ـ ولو كان من قبل أمرها ـ إلاّ بها ، كما قرر في محله من انّ بعض الاشياء مما كان على تقدير الامر به من العبادات فلم يصح الاتيان إلاّ بقصد امتثال الامر بها ولو لم يكن في نفسها مصلحة إلاّ في أمرها.
٣٨٠ ـ قوله : « مثل ما اذا علم انّ زيدا يحرم اكرامه ». (١)
أقول : الظاهر المسلّم من بناء العقلاء هو العمل بأصالة العموم في اثبات الحكم في الفرد الذي علم بدخوله في عنوان العام وشك في خروجه عن حكمه ، فيتمسك به مثلا لاثبات وجوب ( اكرام زيد العالم ) في المثال ؛ وامّا تعيين ( زيد ) المشكوك بأنه من الجهال كي يترتب عليه جميع ما يثبت للجاهل من الاحكام فلا علم ببناء العقلاء على ذلك لو لم يدّع خلافه.
وما اشتهر بينهم من حجية الاصول اللفظية مطلقا حتى المثبت منها انما هو بالنسبة الى افراد العام ـ المحكومة بحكمه ـ من اللوازم ، لا تعيين عنوان الضد في الفرد المشكوك بالاصل ثم ترتيب ما له من الاحكام عليه.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٦٤ ؛ الحجرية ١ : ١٧٩ للمتن و ١ : ١٨٤ للتعليقة.