وحينئذ : يعلم انّ القصور من ناحية المخاطب المعدوم في الخارج ، وكذا من جهة عدم قابلية اللفظ الذي يقع به التخاطب لكونه غير قار ومتصرم الوجود ، فلا يجدي فيه عموم القدرة.
مع انّ ما ذكر في التوهم انما يجدي فيما اذا كان المخاطب ( بالكسر ) هو الله تعالى كما بالنسبة الى النبي صلىاللهعليهوآله على اشكال فيه ، واما بالنسبة الى سائر المكلفين فالمخاطب من قبله تعالى هو النبي صلىاللهعليهوآله بوجوده الناسوتي ، فيحصل القصور من الطرفين.
هذا كله في الخطاب اللفظي.
وامّا الخطاب النفسي على قول الاشاعرة فهو ـ على تقدير معقوليته ـ خارج من حريم النزاع كما لا يخفى.
وامّا ايقاعي : (١) [ وهو ] (٢) مجرد قصد النداء باللفظ الى شيء انشاء ولو كان بداعي آخر غير حصول النداء الحقيقي من تحسر وتأسف وتحزّن ونحوها ، وهو مما لا اشكال في تحققه بالنسبة الى غير ذوي العقول كما وقع كثيرا في كلام البلغاء مثل قوله : « أيا جبلي نعمان بالله خلّيا » (٣) وكقوله : « أيا شجر الخابور ما لك مورقا » (٤) وكقولك : « يا جدار » ونحو ذلك.
كما انّه لا اشكال في تحققه بالنسبة الى المعدوم والغائب أيضا كما في قولك
__________________
(١) تقدم شقه الاول بقوله : « اما واقعي ».
(٢) في الاصل الحجري ( فهو ).
(٣) صدر بيت لقيس بن الملوح ( مجنون ليلى ). المغني ١ : ٢٩ ؛ جامع الشواهد ١ : ٢٨١. والبيت بتمامه :
أيا جبلي نعمان بالله خلّيا |
|
نسيم الصبا يخلص اليّ نسيمها |
(٤) صدر بيت للفارعة بنت طريف بن الصلت ، ترثي اخاها الوليد بن طريف ؛ الاعلام ٥ : ١٢٨. والبيت بتمامه :
أيا شجر الخابور ما لك مورقا |
|
كأنك لم تجزع على ابن طريف |