القسم الأوّل : وسائل الإثبات الوجداني
المقصود بالإثبات الوجداني : اليقين ، ولمّا كانت وسائل الإثبات الوجداني للدليل الشرعي بالنسبة إلينا كلّها وسائل تقوم على أساس حساب الاحتمال كالتواتر والإجماع ونحوهما على ما تقدّم في الحلقة السابقة (١) ، فمن المناسب أن نتحدّث بإيجاز عن كيفيّة تكوّن اليقين على أساس حساب الاحتمال فنقول :
المقصود من الإثبات الوجداني هو حصول القطع واليقين ، فهذه الوسائل توجب القطع واليقين بصدور الدليل من الشارع وجدانا وتكوينا ، ونحن نرى أنّ وسائل الإثبات الوجداني كالتواتر والإجماع كلّها تعتمد على حساب الاحتمال وهو حساب رياضي ذكر مفصّلا في كتاب ( الأسس المنطقيّة للاستقراء ).
ولذلك كان لا بدّ لنا من الحديث ولو بصورة موجزة وإجماليّة عن هذا المبدأ لنرى كيف يحصل اليقين والقطع على أساسه.
وهذا المبنى خلافا لمشهور الأصوليّين حيث اعتمدوا على حصول اليقين من التواتر والإجماع على قضايا بديهيّة منطقيّة ، بينما في الحقيقة لا بدّ أن يحصل اليقين من قضايا استنتاجيّة حدسيّة ، وسنرى أنّ كلّ ما ذكروه يعود في نهايته إلى كونه مصادرة أوّليّة.
ولهذا سوف نعقد البحث أوّلا للحديث عن هذا المبدأ ثمّ كيفيّة تطبيقه على تلك الوسائل التي تثبت وجدانا الدليل الشرعي ، فنقول :
__________________
(١) ضمن البحث عن وسائل الإثبات الوجداني ، تحت عناوين : الخبر المتواتر والإجماع وسيرة المتشرّعة.