يجتمعان أو بأنّ الكلّ أعظم من الجزء ، فإنّ القطع والتصديق بهذا النحو من القضايا لا يحتاج الى أكثر من تصوّر معنى النقيضين ومعنى الاجتماع ليحكم العقل بأنّه مستحيل.
الثاني : اليقين الموضوعي المستنتج من قضيّة ما أي اليقين الذي يحتاج إلى إعمال فكر ونظر ، كاليقين الحاصل من الأقيسة أو من الاستقراء ، فإنّ هذا اليقين يحتاج إلى إعمال فكر ونظر وتوفّر مقدّمات لتكون النتيجة قطعيّة وصحيحة.
وهذا اليقين الاستنتاجي له سببان هما القياس والاستقراء.
والبحث عن القياس محلّه المنطق ، وأمّا الاستقراء فهو الذي يعتمد عليه بحثنا هنا أي حساب الاحتمالات ، فإنّه قائم على أساس الاستقراء كما سيأتي توضيحه.
أحدهما : اليقين الموضوعي بقضيّة أخرى تتضمّن أو تستلزم تلك القضيّة ، ويكون الاستنتاج حينئذ قائما على أساس قياس من الأقيسة المنطقيّة.
السبب الأوّل هو القياس ، فإنّه ينتج يقينا موضوعيّا مستنتجا من قضيّة أخرى على أساس أحد الأقيسة المنطقيّة ، بحيث تكون النتيجة متضمّنة أو مستلزمة لتلك القضيّة.
فمثال القضيّة المتضمّنة ، كقولنا : ( زيد إنسان ، وكلّ إنسان ناطق ، إذا زيد ناطق ) فإنّ هذه النتيجة متضمّنة في القضيّة الثانية ؛ لأنّ قولنا : ( كلّ إنسان ناطق ) يشمل زيد ؛ لأنّه إنسان أيضا.
ومثال القضيّة المستلزمة ، كقولنا : ( إذا كان زيد عالما فيجب إكرامه ، ولكنّه ليس بعالم ، إذا لا يجب إكرامه ) فهذه النتيجة لازم لكونه غير عالم ، إذ العالم يجب إكرامه بمقتضى القضيّة الشرطيّة وبمقتضى مفهومها لا يجب إكرام غير العالم ، والمفهوم مدلول التزامي للكلام.
والآخر : اليقين الموضوعي بمجموعة من القضايا لا تتضمّن ولا تستلزم عقلا القضيّة المستنتجة ، ولكنّ كلّ واحدة منها تشكّل قيمة احتماليّة بدرجة ما لإثبات تلك القضيّة ، وبتراكم تلك القيم الاحتماليّة تزداد درجة احتمال تلك القضيّة حتّى يصبح احتمال نقيضها قريبا من الصفر ، وبسبب ذلك يزول لضآلته ، وكون الذهن البشري مخلوقا على نحو لا يحتفظ باحتمالات ضئيلة قريبة من الصفر.
السبب الثاني لحصول اليقين الموضوعي هو الاستقراء المبني على حساب