ونريد الآن أن نعرف الربط المخصوص الذي يؤخذ في المنطوق ويكون منتجا للمفهوم.
وتوضيح ذلك : أنّا إذا أخذنا الجملة الشرطيّة كمثال للقضايا التي يبحث عن ضابط ثبوت المفهوم لها ، نجد أنّ لها مدلولا تصوّريّا ومدلولا تصديقيّا.
وحينما نفترض المفهوم للجملة الشرطيّة : تارة نفترضه على مستوى مدلولها التصوّري ، بمعنى أنّ الضابط الذي به يثبت المفهوم يكون داخلا في المدلول التصوّري للجملة. وأخرى نفترضه على مستوى مدلولها التصديقي بمعنى أنّ الضابط الذي به يثبت المفهوم لا يكون مدلولا عليه بدلالة تصوّريّة ، بل بدلالة تصديقيّة.
بعد أن عرفنا أنّ المفهوم هو المدلول الالتزامي للكلام على نحو يوجب انتفاء طبيعي الحكم عند انتفاء موضوعه ، لا بدّ أن نعرف النكتة والملاك في كيفيّة اقتناص المفهوم من الجملة ليتمّ تطبيق ذلك على كلّ الجمل التي ادّعي دلالتها على المفهوم لنرى أنّ هذا الضابط هل هو موجود فيها فيثبت لها المفهوم ، أو لا فلا يثبت لها المفهوم؟
فهذا الربط الخاصّ بين طرفي القضيّة متى يتحقّق ، وما هو ملاكه؟
ففي قولنا : ( إذا جاءك زيد أكرمه ) إذا أردنا إثبات المفهوم لهذه القضيّة علينا إثبات وجود الربط الخاصّ فيها الموجب لانتفاء طبيعي الحكم عند انتفاء الموضوع أو الشرط.
وبما أنّ لكلّ جملة مدلولا تصوّريّا ومدلولا تصديقيّا فلا بدّ إذا أن يقع البحث عن اقتناص ضابط المفهوم في مقامين :
المقام الأوّل : في مرحلة المدلول التصوّري للجملة ، وهو المدلول اللفظي والصورة الذهنيّة التي وضعت لها ، فإنّ كلّ لفظ موضوع لمعنى. فالجملة الشرطيّة مثلا ما هو المعنى الذي وضعت له لنرى أنّ هذا المعنى هل يفي بالربط المخصوص لاستفادة المفهوم أو لا؟ فإذا كان وافيا به تصوّرا فهو ثابت استعمالا وتصديقا جدّيّا.
المقام الثاني : في مرحلة المدلول التصديقي للجملة ، وذلك فيما إذا لم يكن المعنى الموضوع للجملة كافيا في الربط المخصوص ، فيبحث عن وجود نكتة إثباتيّة دلاليّة