واحدا والمبرّر للصدق والعلّيّة واحدا كانت القرائن والقيم الاحتماليّة أكبر وأسرع وأوضح ممّا لو كان المصبّ متعدّدا والمبرّر مختلفا ، فإنّ القيم والقرائن الاحتماليّة تكون أقلّ وأضعف. وهذا الاختلاف شاهد آخر على أنّ الكبرى التي تعتمد عليها القضيّتان المتواترة والتجريبيّة ليست إلا قضيّة مستنتجة من تراكم القيم الاحتماليّة القائم على مبدأ حساب الاحتمال والاستقراء والتتبّع للمفردات الجزئيّة.
بخلاف مذهب المشهور المعتمد على المنطق الأرسطي القديم القائل بأنّ هذه الكبرى أوّليّة وبديهيّة ومستنتجة من القياس المنطقي الاستنباطي ، فإنّه على هذا المذهب يجب ألا يحصل مثل هذا الاختلاف والتفاوت ؛ إذ القضايا البديهيّة يصدّق بها العقل البشري في مختلف الظروف والأمكنة والعصور والأشخاص مع سلامة حواسّهم.
فالاختلاف والتفاوت سرعة وبطأ يؤكّد ويشهد أنّ هذه الكبرى مستنتجة على أساس الاستقراء لا على أساس القياس. وبالتالي تكون أكبر من مقدّماتها لا أصغر ولا مساوية.
والضابط في التواتر الكثرة العدديّة ، ولكن لا يوجد تحديد دقيق لدرجة هذه الكثرة التي يحصل بسببها اليقين بالقضيّة المتواترة ؛ لأنّ ذلك يتأثّر بعوامل موضوعيّة مختلفة وعوامل ذاتيّة أيضا.
تقدّم أنّ القضيّة المتواترة يحصل اليقين بها على أساس حساب الاحتمالات نتيجة تجمّع القيم الاحتماليّة من المفردات الكثيرة ، وهذا معناه أنّ الكثرة العدديّة هي السرّ والنكتة والملاك في التواتر ، فكلّما كان هناك مفردات أكثر كان حصول اليقين أقوى وأشدّ وأرسخ.
إلا أنّ هذه الكثرة العدديّة لا تحديد لها برقم معيّن ، فلا يوجد تحديد دقيق لهذه الكثرة ، وما هو العدد الموجب لحصول اليقين ؛ وذلك لأنّ حصول اليقين يرتبط بالقيمة الاحتماليّة لكلّ خبر ، فقد تكون القيمة الاحتماليّة لخبر ضئيلة ، وتكون في آخر أكبر ، وهكذا.
وهذا التفاوت والاختلاف يرجع إلى عوامل عديدة بعضها عوامل موضوعيّة ترتبط