ولا يتوقّع صدورها ، فإنّ درجة احتمال الصدق تكون ضئيلة وحصول اليقين يكون أبطأ. وبالتالي سوف تكون درجة احتمال الكذب وعدم الصدور أقوى ، ولذلك نحتاج إلى مفردات كثيرة جدّا وإلى عدد أكبر بكثير من الحالة السابقة لكي يترسّخ اليقين في النفوس.
ومنها : درجة الاطّلاع على الظروف الخاصّة لكلّ شاهد بالقدر الذي يبعّد أو يقرّب بحساب الاحتمال افتراض مصلحة شخصيّة في الإخبار.
الرابع : اطّلاع الشاهد المخبر على هذه القضيّة ومدى تصديقه وإيمانه بما يخبر به ، فإنّه إذا كان قد شاهد القضيّة أو سمعها فإنّ درجة إيمانه وتصديقه بالقضيّة يقينيّة ؛ لأنّها معتمدة على الحسّ ، ولذلك فإنّ نقله لها وإخباره عنها سوف يشكّل قيمة احتماليّة كبرى للصدق ، وبالتالي يبعد كونه ذا مصلحة شخصيّة دعته للإخبار ، بينما إذا كان إيمانه وتصديقه لما يخبر به لا يصل إلى درجة اليقين ، بل كان يظنّ بذلك نتيجة اعتماده على الحدس والاستنتاج ، فإنّ إخباره لن يكون ذا قيمة احتماليّة كبيرة لصالح الصدق والوقوع ؛ إذ يحتمل كبيرا خطؤه في تحليله واستنتاجه ؛ ولذلك يكون حصول اليقين أسرع وأقوى وأرسخ في النحو الأوّل دونه في النحو الثاني ، بل تحتاج إلى مفردات عديدة وكثيرة جدّا.
وبتعبير آخر : إنّ هذا المخبر إذا كان متأثّرا بظروف خاصّة تحيط به دعته إلى الإخبار عن القضيّة دون أن يكون قد رآها أو سمعها وإنّما استنتجها بحدسه فقط ، فسوف تكون القيمة الاحتماليّة للصدق ضئيلة ، بينما القيمة الاحتماليّة للكذب أو لوجود مصلحة دعته لهذا الإخبار قويّة وأكبر ، بخلاف ما إذا لم يكن متأثّرا بأي نحو من العوامل والظروف الخاصّة ، بل كان يخبر مجرّدا عن انطباعاته وتصوّراته ، فإنّ اليقين يكون أسرع حصولا وأرسخ ولا نحتاج إلى مفردات كثيرة.
ومنها : درجة وضوح المدرك المدّعى للشهود ، ففرق بين الشهادة بقضيّة حسيّة مباشرة كنزول المطر ، وقضيّة ليست حسيّة ، وإنّما لها مظاهر حسيّة كالعدالة ؛ وذلك لأنّ نسبة الخطأ في المجال الأوّل أقلّ منها في المجال الثاني ، وبهذا كان حصول اليقين في المجال الأوّل أسرع.
الخامس : وضوح المدرك المدّعى للشهود أو عدمه :