فمنها : طباع الناس المختلفة في القدرة على الاحتفاظ بالاحتمالات الضئيلة ،
فإنّ هناك حدّا أعلى من الضآلة لا يمكن لأي ذهن بشري أن يحتفظ بالاحتمال البالغ إليه ، مع الاختلاف بالنسبة إلى ما هو أكبر من الاحتمالات.
الأوّل : من العوامل الذاتيّة والنفسيّة التي تختلف باختلاف الأشخاص الذين ينقل إليهم الخبر المشهود به هو طباع الناس ، فإنّ الطبائع مختلفة بين الناس إلى درجة لا تجد اثنين متّفقين على طبع واحد ، إلا أنّه يوجد بعض القواسم المشتركة لهذه الطبائع لا اختلاف فيها.
فإذا بلغت القيمة الاحتماليّة للكذب وعدم الصدق درجة كبيرة جدّا ، بحيث إنّ الذهن البشري السليم لا يحتفظ بمثل هذه القيمة ولا يلتفت إليها أبدا في سيرته وتعامله الخارجي بأن كانت درجة احتمال الخلاف والكذب واحدا من مئات الآلاف أو آلاف الآلاف ، فإنّه لا يعتني بها مطلقا نظريّا وعمليّا ، وكأنّها غير موجودة أصلا.
نعم ، هناك بعض القيم الاحتماليّة تختلف فيها طبائع الناس ، فبعض الناس يحتفظ ببعضها ويعتني بها عمليّا ، والبعض الآخر لا يلتفت إليها أصلا ، أو يلتفت إليها ولكنّه لا يعتني بها عمليّا.
وهذا معناه أنّ القيم الاحتماليّة سوف تتأثّر زيادة وضآلة بمدى احتفاظ الذهن البشري لهذه الدرجة ، وبالتالي سوف تؤثّر سلبا أو إيجابا على حصول اليقين ، أو على سرعته وبطئه أو على رسوخه وارتكازه ، ممّا يتطلّب قلّة أو كثرة المفردات.
ومنها : المبتنيات القبليّة التي قد توقّف ذهن الإنسان وتشلّ فيه حركة حساب الاحتمال وإن لم تكن إلا وهما خالصا لا منشأ موضوعي له.
الثاني : المبتنيات القبليّة التي يؤمن بها الشخص الذي ينقل إليه القضيّة ، فمثلا إذا كان لهذا الشخص بعض المعتقدات الخاطئة أو بعض الشبهات حول العصمة أو حول علم المعصوم ونحو ذلك ، فإنّ نقل القضيّة التي تخبر عن سعة علمه أو غير ذلك سوف تتعارض مع معتقداته وإن لم تكن إلا وهما وخيالا ولا أساس لها من الصحّة ، إلا أنّها على كلّ حال سوف تقف حاجزا بين هذا الشخص وبين حصوله على اليقين والتصديق ، بحيث يحتاج إلى مفردات كثيرة جدّا لتزيل تلك المبتنيات من ذهنه.
وأمّا إذا كانت المبتنيات القبليّة متّفقة مع القضيّة المخبر بها ، فإنّ درجة اليقين سوف