علما بأنّ أغلب القضايا المتواترة قد نقلت إلينا بالواسطة لا مباشرة ، فكيف يتمّ تحصيل اليقين مع هذه الواسطة؟
وكيف يتحقّق ملاك ومناط التواتر الذي هو تجميع القيم الاحتماليّة؟
وهنا يوجد طريقان لتحصيل اليقين من النقل مع الواسطة : أحدهما على مبنى المشهور ، والآخر على المسلك الصحيح ، فنقول :
أحدهما : أن تكون كلّ واحدة من تلك الشهادات الأخرى موضوعا للإخبار المباشر المتواتر ، وهكذا يلحظ التواتر في كلّ حلقة.
الطريق الأوّل : مسلك المشهور وهو أنّ نقل القضيّة المتواترة مع الواسطة يحتاج إلى أن تكون كلّ حلقة من الحلقات التي تؤلّف بمجموعها الخبر متواترة أيضا ؛ وذلك لأنّ كلّ حلقة وواسطة تعتبر إخبارا مستقلاّ في نفسه.
فإذا قال زيد بأنّ عمرا سمع أو رأى خسوف القمر أو الزلزلة ، فهذا معناه أنّه يخبر عن عمرو. فلكي يثبت إخبار عمرو في نفسه لا بدّ أن يكون النقل عنه متواترا أيضا بأن يخبر جماعة كثيرة يمتنع تواطؤها على الكذب بأنّ عمرا سمع أو رأى تلك القضيّة ، فإذا تحقّق التواتر ثبت قول عمرو بأنّه شاهد أو سمع.
وأمّا القضيّة نفسها فلا بدّ أيضا أن ينقلها جماعة كثيرة أيضا يمتنع تواطؤها على الكذب لتكون يقينيّة ، وهذا يفترض أنّ التواتر لا بدّ أن يلحظ في كلّ حلقة من حلقات السلسلة ، بأن ينقل جماعة كثيرة عن عمرو وجماعة كثيرة عن كلّ واحد من الذين شاهدوا أو رأوا أو سمعوا القضيّة.
فلو فرضنا على سبيل المثال أنّ الذين نقلوا القضيّة مباشرة كان عددهم ١٠٠ ، فلا بدّ أن يكون خبر كلّ واحد من هؤلاء المائة قد نقل إلينا متواترا ، بأن يكون مثلا مائة نقلوا عن الأوّل ومائة أخرى نقلت عن الثاني وهكذا ، فيكون مجموع المفردات في هذا المثال ١٠٠* ١٠٠ يساوي ١٠٠٠٠ ، هذا إذا كانت الواسطة واحدة.
وأمّا إذا كانت الواسطة أكثر فنحتاج إلى مفردات أكثر ، فلو نقل بكر عن زيد عن عمرو بأنّه شاهد أو سمع القضيّة فلا بدّ من إثبات التواتر في نقل بكر وإثبات التواتر في نقل زيد ، فحيث إنّ العدد كان في الواسطة الأولى عبارة عن ١٠٠٠٠ مخبر