وحيث إنّ الجملة الشرطيّة الدالّة على الربط الخاصّ بين الشرط والجزاء سواء بالأداة أو بالهيئة من المعاني الحرفيّة ، فهي تدلّ على هذا الربط الخاصّ بنحو المعنى الحرفي ، وهكذا الحال في سائر الجمل التي يبحث حول دلالتها عن المفهوم.
وهذا المعنى الحرفي يوازيه معنى اسمي ؛ لأنّ كلّ معنى حرفي يوجد معنى اسمي مواز له ، فإذا أردنا أن نعبّر عن هذا الربط الخاصّ الذي هو معنى حرفي بالمعنى الاسمي الموازي له وجدنا أنّ هناك نحوين من التعبير :
ففي قولنا : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) تارة نعبّر عن الربط الخاصّ بين الشرط والجزاء بقولنا : ( مجيء زيد مستلزم وموجد لوجوب إكرامه ) بحيث يكون المعنى الحرفي هو النسبة الإيجاديّة أو النسبة الاستلزاميّة.
وأخرى نعبّر عن هذا الربط بقولنا : ( وجوب إكرام زيد متوقّف أو معلّق أو ملتصق بمجيئه ) بحيث يكون المعنى الحرفي هو النسبة التوقّفيّة أو التعليقيّة أو الالتصاقيّة.
فإذا يوجد نحوان من الممكن أن تكون الجملة الشرطيّة موضوعة لهما هما :
١ ـ أن تكون موضوعة للنسبة الإيجاديّة أو الاستلزاميّة.
٢ ـ أن تكون موضوعة للنسبة التوقّفيّة أو الالتصاقيّة أو التعليقيّة.
وحينئذ يأتي البحث التالي :
ففي القول الأوّل استعملنا معنى الاستلزام ، وفي القول الثاني استعملنا معنى التوقّف والتعليق والالتصاق ، والمعنى الأوّل لا يدلّ التزاما على الانتفاء عند الانتفاء ، والثاني يدلّ عليه.
فإذا كانت الجملة الشرطيّة مثلا موضوعة لغة للربط الخاصّ وللنسبة الاستلزاميّة الموازية لمفهوم الاستلزام كمعنى اسمي فلا يمكن استفادة المفهوم للجملة ؛ إذ لا يكون هذا المعنى وافيا ودالا بالالتزام على الانتفاء عند الانتفاء.
وتوضيح ذلك : أنّ النسبة الإيجاديّة أو الاستلزاميّة معناها أنّ هذا موجد لذاك أو سبب وعلّة له ، فإذا وجد الشرط وجد الجزاء ؛ لأنّ الشرط علّة وسبب ومستلزم للجزاء. إلا أنّ هذا لا يعني أنّه إذا انتفى الشرط انتفى الجزاء أيضا ؛ إذ لعلّ هناك سببا وعلّة وموجدا للجزاء غير هذا الشرط.
فنفس الإيجاد والاستلزام لا يكفي وحده على مستوى المدلول التصوّري الوضعي