يستحيل أن تصبح يقينا استنادا إلى ضآلتها ؛ إذ لا يوجد هناك مضعّف كيفي على أساسه تزول تلك القيمة الاحتماليّة للكذب.
فهنا دعويان :
الأولى : عدم وجود المضعّف الكيفي في هذه الروايات ؛ لأنّ المفروض أنّنا التقطناها عشوائيّا من مختلف الأبواب فلا يوجد فيها قاسم مشترك ، ولا تتحدّث عن موضوع واحد ، وألفاظها مختلفة ، ومضامينها متعدّدة ، ورواتها مختلفون وكلّ واحد منهم يروي حديثا غير الآخر ولا يرتبط معه بشيء.
وهذا معناه أنّ النسبة بين هذه الروايات المائة فيما بينها هي نسبة التباين والاختلاف ، فهناك احتمال كذب كلّ واحد من الروايات بنحو معتدّ به وهو النصف المقابل للصدق ، وليس أحدهما أكثر من الآخر ولا يمكن تضعيف احتمال الكذب في كلّ رواية ؛ لعدم وجود المضعّف الكيفي المذكور ، فتبقى القيمة الاحتماليّة على حالها.
الثانية : أنّ المضعّف الكمّي الموجود والذي على أساسه تضاءلت القيمة الاحتماليّة لكذب هذه المائة بجميع مفرداتها لا يكفي وحده لإفادة اليقين وزوال هذا الكسر وإن كان ضئيلا جدّا.
والوجه في ذلك هو : أنّنا حصلنا في النقطة الثالثة على نتيجة وهي أنّ كذب هذه المائة بجميع أفرادها ضئيل جدّا ، وبالتالي فإنّ صدق رواية واحدة منها على الأقلّ كبير جدّا ، إلا أنّ هذه القيمة الاحتماليّة للصدق ليست إلا اطمئنانا ولا تتحوّل إلى اليقين ؛ إذ لو تحوّلت إلى اليقين على أساس هذا المضعّف الكمّي لفعلنا ذلك في كلّ مائة أخرى ، وبالتالي نصل إلى اليقين بكلّ خبر خبر من مجموع الروايات في الكتب الأربعة ، وهذا يعني القطع بصدق جميع الروايات ، وهذا مخالف للعلم الإجمالي بكذب مائة رواية فيها ؛ لأنّه يعني زوال العلم الإجمالي مع أنّه موجود قطعا.
وبيان ذلك : أنّه لو حصلنا على اليقين بأنّ المائة من واحد إلى مائة فيها رواية صادقة ، وأنّ المائة من اثنين إلى مائة وواحد فيها رواية صادقة ، وأنّ المائة من ثلاثة إلى مائة واثنين فيها رواية صادقة وهكذا... سوف نصل في نهاية الأمر إلى أنّ كلّ مائة مائة من هذه الروايات في كلّ منها رواية صادقة.
وبالتالي سوف تكون كلّ الروايات صادقة ؛ لأنّ المئات التي نحصل عليها من عشرة