نفترض وجود مصالح شخصيّة للمخبرين جميعا هي التي دعتهم إلى الاختلاق والكذب ، بينما المبرّر الوحيد للصدق هو ثبوت القضيّة واقعا.
وهنا إذا لاحظنا هذه المصالح الشخصيّة المتعدّدة تارة نجدها متّفقة تماما وأخرى نجدها متقاربة.
فإذا كانت المصلحة الشخصيّة لكلّ مخبر في أنّ يخبر بذاك المدلول التحليلي ( التضمّني أو الالتزامي ) الذي نريد إثباته بالتواتر ، فهذا معناه افتراض عدد كبير من المصالح الشخصيّة قد اتّفقت صدفة على ذاك الجانب ، على الرغم من الاختلاف بين المخبرين في الظروف والأحوال والأمكنة والمذاهب والمستوى العلمي والثقافي ونحو ذلك ، وهذا بعيد في نفسه بحساب الاحتمالات ، فإنّه إذا كانت تلك العوامل الموضوعيّة مختلفة كانت مبرّرات الكذب والخلاف والصدفة بعيدة جدّا في نفسها ، ممّا يجعل مبرّر الصدق والثبوت أقوى وأرسخ.
وإذا كانت المصلحة الشخصيّة لكلّ مخبر تدعوه إلى الإخبار بمدلول كلامه المطابقي فقط من دون أن يلاحظ المدلول التحليلي لكلامه ( التضمّني أو الالتزامي ) ، فهذا معناه أنّ هذه المصالح الشخصيّة على الرغم من الاختلاف في العوامل الموضوعيّة بينهم قد كانت متقاربة جدّا فيما بينها ؛ لأنّها جميعا تتضمّن أو تستلزم ذاك الجانب المشترك ، وهذا وإن كان محتملا لكنّه بعيد أيضا بحساب الاحتمالات.
وهكذا نصل إلى اليقين بعد ضمّ المضعّف الكيفي إلى المضعّف الكمّي بناء على حساب الاحتمالات.
ولهذا نجد أن قوّة الاحتمال التي تحصل في هذه الحالة أكبر منها في الحالة السابقة ، والاحتمال القوي هنا يتحوّل إلى يقين بسبب ضآلة احتمال الخلاف ، ولا يلزم من ذلك أن ينطبق هذا على كلّ مائة خبر نجمعها ؛ لأنّ المضعّف الكيفي المذكور لا يتواجد إلا في مائة تشترك ولو في جانب من مدلولاتها الخبريّة.
وبالمقارنة بين هذه الحالة والحالة السابقة نجد أنّ القيمة الاحتماليّة للصدق هنا أكبر بكثير من القيمة الاحتماليّة للصدق هناك ؛ وذلك لأنّه هناك كان يوجد فقط المضعّف الكمّي والذي على أساسه حصل الاطمئنان بالصدق ؛ لأنّ درجة احتمال الكذب كانت بنسبة واحد من مائة مليون ، بينما هنا فإنّ هذه النسبة سوف تتضاءل أكثر ؛