لوجود المضعّف الكيفي في الإخبار جميعا. ولذلك سوف تضرب هذه القيمة الاحتماليّة للكذب بنفسها فتكون نسبة الكذب واحدا من آلاف الملايين.
ولذلك لا تقاس هذه الحالة على تلك أو العكس ؛ لأنّه في الحالة الأولى لم يكن هناك مضعّف كيفي في جميع الإخبارات. نعم ، يوجد مضعّف كيفي في كلّ مائة تشترك جميعا في جانب من مدلولاتها الخبريّة ، كأن تكون هذه المائة من باب الصوم جميعا أو الصلاة ، وهكذا.
ولكنّ المفروض أنّنا حصلنا على كلّ مائة عشوائيّا من مختلف الأبواب الفقهيّة ، بحيث لم يكن بينها جانب مشترك أو كان بين بعضها جانب مشترك لكنّه خفي وضئيل.
الحالة الثالثة : أن تكون الإخبارات مشتركة في المدلول المطابقي بالكامل ، كما إذا نقل المخبرون جميعا أنّهم شاهدوا قضيّة معيّنة من قضايا كرم حاتم ، وفي هذه الحالة يوجد المضعّف الكمّي والمضعّف الكيفي معا.
القسم الثالث : التواتر المعنوي واللفظي : والمقصود هنا أن تكون الأخبار كلّها متّفقة في المدلول المطابقي ، بحيث يخبر الجميع عن حادثة وواقعة واحدة معيّنة ، وهذا الاتّفاق في المدلول المطابقي قد يكون بلحاظ المعنى فقط دون الألفاظ وهو التواتر المعنوي بلحاظ القسم الثالث منه ، وقد يكون بلحاظ المعنى واللفظ أيضا وهو التواتر اللفظي.
فإذا أخبر جماعة كثيرة تصل إلى حدّ التواتر عن قضيّة معيّنة شخصيّة بحيث كان مدلولهم المطابقي واحدا ، بأن أخبروا عن كون حاتم قد ذبح جزورا لضيوفه ، فهنا يوجد كلا المضعّفين ( الكمّي والكيفي ) ، والنتيجة هي أنّ القيمة الاحتماليّة للكذب سوف تكون ضئيلة جدّا على أساس المضعّف الكمّي وحده ، فإذا انضمّ إليه المضعّف الكيفي سوف تزول هذه القيمة الاحتماليّة للكذب وبالتالي يحصل اليقين بثبوت هذه القضيّة.
غير أنّ هذا اليقين يختلف سرعة وشدّة ورسوخا ووضوحا بين ما إذا كان المدلول المطابقي متّفقا بالمعنى فقط وبين ما إذا كان متّفقا بالمعنى واللفظ معا ، فإنّ الثاني أقوى وأرسخ وأسرع من الأوّل ، ولذلك قال السيّد الشهيد :