ولكن المضعّف الكيفي هنا أشدّ قوّة منه في الحالة السابقة ؛ وذلك لأنّ مصالح الناس المختلفين كلّما افترض تطابقها وتجمّعها صدفة في محور أضيق كان ذلك أغرب وأبعد بحساب الاحتمالات ؛ لما بينهم من الاختلاف والتباين في الظروف والأحوال ، فكيف أدّت مصلحة كلّ واحد إلى نفس ذلك المحور الذي أدّت إليه مصلحة الآخرين ، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى إذا كان الكلّ ينقلون واقعة واحدة بالشخص فاحتمال الخطأ فيهم جميعا أبعد ممّا إذا كانوا ينقلون وقائع متعدّدة بينها جانب مشترك.
أمّا كون المضعّف الكيفي هنا أقوى وأرسخ منه في الحالة السابقة فلأنّه إذا كانت المصالح الشخصيّة ـ التي هي مبرّر الكذب والمفروض أنّها مختلفة من شخص لآخر نتيجة اختلاف ظروفه وأحواله والعوامل الموضوعيّة التي تدعوه لذلك ـ قد فرض اجتماعها واتّفاقها صدفة على محور واحد فتكون القيمة الاحتماليّة للكذب ضئيلة جدّا أكثر ممّا إذا كانت المصالح الشخصيّة قد اتّفقت صدفة على محاور متعدّدة يوجد بينها جانب مشترك أي مدلول تحليلي ( تضمّني أو التزامي ).
وعليه ، فإذا كان جميع الرواة ينقلون واقعة واحدة متّفقة بمدلولها المطابقي فضلا عن التضمّني والالتزامي ، فاحتمال كذبهم واتّفاق مصالحهم على ذلك أبعد بكثير ممّا إذا كانوا ينقلون وقائع متعدّدة متّحدة بالمدلول التضمّني أو الالتزامي ولكنّها مختلفة بالمدلول المطابقي.
وهنا حيث إنّ المدلول المطابقي للجميع واحد بخلافه في الحالة السابقة ، فاحتمال الكذب واجتماع مبرّراته على محور واحد رغم تعدّدها سوف يكون أبعد وأكثر ضآلة من احتمال الكذب واجتماع المبرّرات على محاور مختلفة يوجد بينها جامع أو جانب مشترك ، كما هو مقتضى حساب الاحتمالات والمضعّف الكيفي.
وعلى هذا الأساس نقول أيضا :
وفي هذه الحالة كلّما كان التوحّد في المدلول أوضح ، والتطابق في الخصوصيّات بين إخبارات المخبرين أكمل ، كان احتمال الصدق أكبر والمضعّف الكيفي أقوى أثرا.