للجملة في اقتناص المفهوم ، وإنّما نحتاج في إثباته إلى الإطلاق وقرينة الحكمة في الشرط لإثبات كونه العلّة الوحيدة المنحصرة للجزاء ، وهذا بحث إثباتي تصديقي لا علاقة له بالمدلول التصوّري للجملة.
وأمّا إذا كانت الجملة موضوعة لغة بحسب المدلول التصوّري الوضعي للربط الخاصّ وللنسبة التوقّفية أو التعليقية أو الالتصاقيّة كانت استفادة المفهوم والانتفاء عند الانتفاء ثابتة ومتحقّقة في مرحلة المدلول التصوّري للجملة ؛ وذلك لأنّ الجملة الشرطيّة مثلا معناها على هذا الفرض أنّ الجزاء معلّق ومتوقّف وملتصق بالشرط ، فإذا وجد الشرط وجد الجزاء ، وإذا انتفى الشرط انتفى الجزاء أيضا ؛ لأنّ المعيّة والالتصاق فيهما تفترض أنّهما معا دائما وجودا وعدما ، وهذا معناها لانتفاء عند الانتفاء ؛ لأنّ الجزاء يدور مدار الشرط إذ هو معلّق عليه وملتصق به.
وعلى هذا التفسير سوف تكون الجملة الشرطيّة مثلا وغيرها من الجمل أيضا دالّة على المفهوم وضعا وتصوّرا ؛ لأنّها تدلّ على الربط الخاصّ الموجب للانتفاء عند الانتفاء إلا وهو النسبة التوقّفية أو الالتصاقيّة أو التعليقيّة.
وبهذا ظهر أنّ الاستلزام يكون بمثابة الموجبة الجزئيّة التي تسكت عن بقيّة الأفراد ، بينما التوقّف بمثابة الموجبة الكلّيّة التي تتحدّث عن كلّ الأفراد.
فلكي تكون الجملة الشرطيّة مثلا مشتملة في مرحلة المدلول التصوّري على ضابط إفادة المفهوم ، لا بدّ أن تكون دالّة على ربط الجزاء بالشرط بما هو معنى حرفي مواز للمعنى الاسمي للتوقّف والالتصاق ، لا على الربط بما هو معنى حرفي مواز للمعنى الاسمي لاستلزام الشرط للجزاء.
والحاصل : أنّ دلالة الجملة الشرطيّة ـ مثلا ـ وغيرها أيضا على المفهوم في مرحلة المدلول التصوّري الوضعي للجملة متوقّف على أمرين :
الأمر الأوّل : أن تكون دالّة على الربط الخاصّ بين الشرط والجزاء الموجب للانتفاء عند الانتفاء ، وهذا معناه أنّه لا بدّ أن تكون موضوعة لغة لمعنى حرفي وللنسبة الموازية للمعنى الاسمي الذي هو التوقّف أو الالتصاق أو التعليق ، كما تقدّم توضيحه. لا أن تكون موضوعة لغة للمعنى الحرفي والنسبة الموازية لمفهوم الاستلزام والإيجاد الاسمي بين الشرط والجزاء ، فإذا ثبت ذلك كانت الجملة دالّة وضعا على