الدليل الشرعي لما حدث إجماع ، فهو طريق للاستدلال من المعلول على العلّة التي يستنبط منها الحكم الشرعي.
والحاصل : أنّ الإجماع على الأسس الثلاثة الأولى يعتبر دليلا مباشرا على الحكم ؛ لأنّه علّة له. بينما على الأساس الرابع لا يكون الإجماع دليلا مباشرا على الحكم ، وإنّما يدلّ على الدليل الشرعي وهو بدوره يدلّ على الحكم فهو دليل غير مباشر على الحكم.
وهناك فارق آخر أيضا وهو :
والبحث عن حجّيّة الإجماع على الأسس الثلاثة الأولى يدخل في نطاق البحث عن الدليل غير الشرعي على الحكم الشرعي ، والبحث عن حجّيّته على الأساس الأخير يدخل في نطاق إحراز صغرى الدليل الشرعي ، ويعتبر من وسائل إثبات هذا الدليل ، وهذا ما نتناوله في المقام.
وهناك فارق آخر بين هذه المستندات ، فإنّه بناء على الأسس الثلاثة الأولى لحجّيّة الإجماع يخرج الإجماع عن عنوان بحثنا أي ( وسائل الإثبات الوجداني لصدور الدليل الشرعي ) ؛ لأنّه بناء على الأساس الأوّل فالإجماع حجّة بدليل العقل ، فيكون كاشفا عن الحكم الشرعي على أساس الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع ، فيثبت بالإجماع الحكم الشرعي لا الدليل الشرعي.
وبناء على الأساس الثاني فالإجماع حجّة ؛ لأنّ الشارع قد جعل الحجّيّة له على أساس وجود دليل شرعي لفظي أو غير لفظي ، كالسيرة مثلا على حجيّة الإجماع ولزوم العمل والتعبّد بمفاده ، فيستكشف بالإجماع الحكم الشرعي أيضا على أساس كونه حجّة شرعا يجب العمل به ، ولا يستفاد منه ثبوت الدليل الشرعي على الحكم.
وبناء على الأساس الثالث فالإجماع حجّة ؛ لأنّ المعصوم قد شهد بأنّه لا يخطأ بل يصيب الواقع ، وهذا يعني أنّه إذا قام الإجماع على شيء فهذا الشيء ثابت واقعا ، وهو الحكم الذي أجمع العلماء عليه.
والحاصل : أنّه بناء على الأسس الثلاثة يستكشف من الإجماع الحكم الشرعي لا الدليل الشرعي ، وهذا الحكم كان دليله الإجماع ، والإجماع بنفسه ليس دليلا