وصدقه ، وللثانية بالملازمة بين اتّفاق آراء المرءوسين على شيء ورأي رئيسهم ، وللثالثة بالملازمة بين الخبر المستفيض وصدقه.
هذا التقسيم راجع لبيان وجه الملازمة بين الإجماع على شيء وبين وجود دليل شرعي عليه ، فإنّهم بعد أن ذكروا أنّ الإجماع يكشف عن الدليل الشرعي الكاشف عن الحكم أرادوا أن يبيّنوا الوجه في هذه الكاشفيّة وأنّها على أي نحو من أنحاء الملازمة ، حيث إنّ الأساس الرابع يثبت أنّ هناك ملازمة بين الإجماع وبين الدليل الشرعي ، فكلّما تحقّق الإجماع كان هناك دليل شرعي.
ولذلك قسّموا الملازمة تبعا للمنطق إلى ثلاثة أقسام :
الأوّل : الملازمة العقليّة :
وهي الملازمة الذاتيّة بين وجود شيء ووجود شيء آخر يستحيل انفكاكه عنه ، فإذا وجد أحدهما كان الآخر موجودا لا محالة ، كالعلّة والمعلول والأثر والمؤثّر ، ومثّلوا لها أصوليّا بتواتر الخبر وصدقه ، فإنّه إذا كان الخبر متواترا كان صادقا بحيث لا ينفكّ الصدق عنه ، فلا يمكن أن يكون متواترا وفي نفس الوقت غير صادق ، ولذلك كان التواتر من وسائل الإثبات الوجداني اليقيني كما تقدّم.
الثاني : الملازمة العاديّة :
وهي الملازمة التي تقتضيها العادة والعرف والطبع العامّ ، بحيث لا يستحيل الانفكاك عقلا ، إلا أنّه لا يقع الانفكاك عادة مع إمكان وقوعه أيضا ، كالملازمة بين صفات الإنسان الدالّة على الألم والمرض والضجر.
ومثّلوا لها في الأصول باتّفاق المرءوسين على شيء ملازم لرأي رئيسهم على ذلك أيضا ، فإنّهم إذا اتّفقوا على شيء كان لازمه أنّ رأي رئيسهم كذلك ، إلا أنّ ذلك ليس بمعنى استحالة الانفكاك ، بل لأنّ العادة والطبع والعرف يقتضي هذا الأمر ، وإلا فقد يتخلّف.
الثالث : الملازمة الاتّفاقيّة :
وهي الملازمة بين شيئين على سبيل الصدفة والاتّفاق ، بحيث إنّه لا يوجد تلازم عقلي ذاتي ولا تلازم طبعي بحسب العادة والعرف ، وإنّما اتّفق صدفة أن حصل التلازم نتيجة التكرر ، كالتلازم بين مجيء زيد ومجيء عمرو مثلا.