الروايات الصحيحة والضعيفة؟ فلما ذا لم تنقل هذه الرواية مع توفر الدواعي والظروف لنقلها؟ فعدم نقلها يدلّ على عدم وجودها وإلا لنقلت.
والحاصل : أنّ الإجماع يمنع كونه كاشفا عن الدليل الشرعي ، فلا يكون حجّة.
إنّ الإجماع من أهل النظر والفتوى من فقهاء عصر الغيبة المتقدمين لا نريد به أن نكتشف رواية على النحو الذي فرضه المعترض لكي يبدو عدم ذكرها في كتب الحديث والفقه غريبا ، وإنّما نكتشف به ـ في حالة عدم وجود مستند لفظي محدد للمجمعين ـ ارتكازا ووضوحا في الرؤية متلقى من الطبقات السابقة على أولئك الفقهاء المتقدمين ، لأنّ تلقّي هذا الارتكاز والوضوح هو الذي يفسر حينئذ إجماع فقهاء عصر الغيبة المتقدمين على الرغم من عدم وجود مستند لفظي مشخص بأيديهم.
أمّا الجواب على النقطة الثانية وهي أنّنا لا نجد هذه الرواية في كتب الحديث والفقه ؛ فهو أنّ الإجماع من فقهاء عصر الغيبة المتقدمين أي الذين قاربوا عصر الغيبة كالصدوق والكليني والمفيد والمرتضى والطوسي ونحوهم ، لا نريد به أن نثبت وجود رواية لفظية دلت على الحكم الذي أجمعوا عليه ؛ لكي يعترض علينا بأنّ هذه الرواية غير منقولة في الكتب وأنّ عدم نقلها غريب.
وإنّما نريد بالإجماع المنعقد اكتشاف دليل شرعي على الحكم الذي أجمعوا عليه ، وحينئذ إذا لم يكن هذا الدليل الشرعي لفظيّا ـ وهو كذلك حيث لم ينقل إلينا ـ فمن الواضح أنّه لن ينقل إلينا في كتب الحديث والفقه ؛ لأنّ الإجماع يكشف عن وجود دليل شرعي غير لفظي على الحكم المجمع عليه ، وهذا الدليل غير اللفظي هو الارتكاز والوضوح في الرؤية ـ أي سيرة عملية قد تلقاها فقهاء عصر الغيبة المتقدمين من الطبقات السابقة عليهم والتي عاصرت النص.
إذ لا يوجد مبرّر يمكن التعويل عليه في تفسير هذه الإجماع ـ مع عدم وجود مستند لفظي ( آية أو رواية ) ـ سوى أن يكون فقهاء عصر الغيبة المتقدمين قد عاشوا جوا وارتكازا ووضوحا على هذا الحكم ولذلك أجمعوا عليه ، وإلا فكيف أجمعوا على الحكم مع أنّ المفروض أنّهم لا يفتون من دون مستند شرعي باعتبارهم من