نتيجة الاتفاق على قضيّة خاصّة دون سائر الموارد والقضايا وان كانت مرتبطة أو متفرّعة عنه.
فمثلا إذا كانت بعض فتاوى المجمعين عامّة ومطلقة وبعضها خاص ومقيّد ، كان المقدار الثابت بالإجماع هو الخاص والمقيّد فقط دون العموم والإطلاق ، لأنّ القيم الاحتماليّة المتراكمة على المحور الأضيق هي القدر المتيقن الذي لا شكّ فيه ، دون سائر التفصيلات الأخرى ، فإنها تحتاج إلى قرائن احتمالية أكثر ، وبالتالي إلى فتاوى أكثر.
ويعتبر كشف الإجماع عن أصل الحكم بنحو القضيّة المهملة أقوى دائما من كشفه عن الاطلاقات التفصيلية للحكم ؛ وذلك لأنّا عرفنا سابقا أنّ كشف الإجماع يعتمد على ما يشير إليه من الارتكاز في طبقة الرواة ومن إليهم ، وحينما نلاحظ الارتكاز المكتشف بالإجماع نجد أنّ احتمال وقوع الخطأ في تشخيص حدوده وامتداداته من قبل المجمعين أقوى نسبيّا من احتمال خطأهم في أصل إدراك ذلك الارتكاز ، فإنّ الارتكاز بحكم كونه قضيّة معنوية غير منصبة في ألفاظ محددة قد يكتنف الغموض بعض امتداداته وإطلاقاته.
ثمّ إنّ كشف الإجماع عن القضيّة بنحو الإهمال من دون إطلاق أو تقييد أقوى من كشفه عن كونها مطلقة مثلا.
فإذا أجمع العلماء على قضيّة ما كان إجماعهم كاشفا عن أصل تحقّق القضيّة بقطع النظر عن كونها مطلقة أو مقيّدة أقوى فإنّه القدر المتيقن من كشف الإجماع ، وأمّا كونها مطلقة أو مقيّدة فهذه تفصيلات زائدة تحتاج إلى مفردات وقيم احتمالية أكبر.
والسّر في ذلك : أنّنا عرفنا أنّ الإجماع قائم على أساس كشفه عن الوسيط والذي بدوره يكشف عن الدليل الشرعي ، فإذا تحقّق الإجماع على مسألة كشف ذلك عن وجود ارتكاز لدى الطبقات السابقة ووضوح في الرؤية على أصل تحقّق هذه المسألة في الشرع ، وأنّها قضيّة قد صدر الدليل الشرعي بشأنها ، وهذا يثبت لنا أنّ أصل هذه القضيّة صحيح ، وأمّا كونها مطلقة أو عامّة وأنّها تشمل كل التفريعات والتفصيلات فهذا لا يمكننا أن نثبته بمجرّد الإجماع على القضيّة من دون أن يكون هناك تصريح بذلك ، لأنّ احتمال الخطأ في أصل وجود الارتكاز بعيد جدا بحساب الاحتمالات