أكثر من احتمال الخطأ في كون هذا الارتكاز عاما ومطلقا ، لأنّ الإجماع يكشف لنا لبّا وحدسا واستنتاجا عن وجود الدليل الشرعي ، إلا أنّ هذا الدليل الشرعي غير موجود بأيدينا لنرى أنّه مطلق أو عام أو شامل لكل التفصيلات والتفريعات ، فإنّ الإجماع دليل لبّي يثبت به الدليل الشرعي غير اللفظي أي الارتكاز الكاشف عن وجود دليل شرعي إلا أنّ هذا الدليل الشرعي غير محدد بألفاظ معينة ، بل يحتمل قويا جدا أنّه عمل أو تقرير أو سيرة من المتشرّعة ، وهذا معناه عدم إمكانيّة اكتشاف الإطلاق والعموم من الإجماع على القضيّة ما لم يكن هناك إجماع أيضا على إطلاقها أو عمومها ، وأمّا إذا كان الإجماع منعقدا على القضيّة من دون ذكر للتفصيلات أو مع الاختلاف بذكرها أو عدم ذكر البعض لها فهذا كلّه يمنع عن انعقاد الإطلاق ؛ إذ لا يوجد دليل لفظي مكتشف بالإجماع ليكون مطلقا ، وإنّما هناك دليل لبّي معنوي وقضيّة حدسية فلا يمكن استكشاف الإطلاق والتفصيلات لأنّها تبقى غامضة ، بخلاف أصل ثبوت القضيّة فإنّه محرز ومسلّم حينئذ.
يقسم الإجماع إلى بسيط ومركب :
فالبسيط : هو الاتفاق على رأي معين في المسألة ، والمركّب : هو انقسام الفقهاء إلى رأيين من مجموع ثلاثة وجوه أو أكثر ، فيعتبر نفي الوجه الثالث ثابتا بالإجماع المركّب.
وما تقدّم من الكلام كان الملحوظ فيه الإجماع البسيط.
الإجماع البسيط : هو اتفاق آراء العلماء على وجه واحد من الوجوه المحتملة في القضيّة ، كأن يفتي الجميع بالوجوب مثلا ، وهذا هو الذي كنّا نتكلم عنه إلى الآن.
وهذا الإجماع حجّة إذا كان كاشفا عن الارتكاز استنادا إلى حساب الاحتمالات كما تقدّم.
الإجماع المركّب : هو انقسام آراء العلماء إلى رأيين أو أكثر من مجموع الوجوه المحتملة في المسألة ، كأن يفتي البعض بالوجوب والبعض الآخر بالاستحباب أو بالحرمة ، فهنا وإن لم يكن هناك إجماع على أصل المسألة ، حيث إنّهم اختلفوا في حكمها ، إلا أنّه يوجد إجماع آخر مركب من هذين الرأيين وهو الإجماع على نفي القول الثالث ، فإنهم