لإثبات كونه مؤثّرا على أي حال ، سواء سبقه شيء آخر أم لا ، ثمّ لاستنتاج انحصار العلّة بالشرط من ذلك ، إذ لو كانت للجزاء علّة أخرى لما كان الشرط مؤثّرا في حال سبق تلك العلّة.
من الأدلّة الإثباتيّة على وجود الربط الخاصّ في الجملة الشرطيّة مثلا وهو الانتفاء عند الانتفاء الإطلاق وقرينة الحكمة.
وتقريب ذلك : إذا قيل : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) ثبت بالإطلاق الأحوالي للشرط أنّه علّة تامّة منحصرة للجزاء ، بمعنى أنّ المجيء علّة لإكرام زيد في جميع حالاته وهي ما إذا ( جاء زيد ) من دون وجود شيء آخر مع هذا المجيء ، وفيما إذا ( جاء زيد ) وكان مسبوقا أو ملحوقا بشيء آخر كالفقر أو العدالة أو العلم أو المرض ونحو ذلك من قيود وأوصاف أخرى.
فبالإطلاق الأحوالي للشرط نثبت أنّه لو كان هناك شيء آخر مقارن لهذا الشرط أو بديل عنه أو لاحق له للزم ذكره في الكلام بالعطف بـ ( الواو ) أو بـ ( أو ) ، وبما أنّه لم يقل ذلك فهو لا يريده ، فيثبت أنّ المجيء شرط وحيد وعلّة تامّة منحصرة ، للجزاء ، فيكون مؤثّرا مطلقا وفي كلّ الحالات سواء كان معه شيء أو لا ، أو سبقه شيء أو لا ، أو لحقه شيء أو لا.
وهذا معناه أنّه لو كان هناك وصف آخر كالعدالة مثلا موجودة ومتحقّقة في زيد ، وكان هناك علّة أخرى للجزاء تقدّمت أو قارنت المجيء لكان معنى ذلك أنّ الشرط المؤثّر في الجزاء هو هذه العلّة لا المجيء ، فيكون ذكر المجيء لغوا وتحصيلا للحاصل.
وهذا معناه أنّ المجيء لم يكن علّة مؤثّرة في الجزاء ، وهذا مخالف للإطلاق الأحوالي للمجيء الذي ذكر شرطا.
فعلى أساس هذه القرينة ومقدّمات الحكمة والإطلاق الأحوالي نثبت كون الشرط علّة منحصرة للجزاء فنثبت المفهوم.
ومن الأدلّة أيضا التمسّك بالإطلاق وقرينة الحكمة في الجزاء.
ومن الأدلّة التمسّك بالقاعدة الفلسفيّة القائلة : إنّ الواحد لا يصدر إلا من واحد ، وسيأتي تفصيل ذلك.
فإنّ هذا انتزاع للمفهوم من المدلول التصديقي ؛ لأنّ الإطلاق الأحوالي للشرط