مدلول لقرينة الحكمة ، وقد تقدّم سابقا أنّ قرينة الحكمة ذات مدلول تصديقي ولا تساهم في تكوين المدلول التصوّري.
هذا ما ينبغي أن يقال في تحديد الضابط.
فاستفادة المفهوم من هذه الأدلّة الإثباتيّة معناه أنّ المفهوم ثابت في مرحلة المدلول التصديقي للكلام لا في المدلول التصوّري ؛ وذلك لأنّ الإطلاق الأحوالي في الشرط مرجعه إلى قرينة الحكمة ، وهي ظهور حال المتكلّم أنّه في مقام البيان لتمام موضوع حكمه ، فلو كان يريد القيد لذكر ما يدلّ عليه فما دام لم يذكره فهو لا يريده.
وهنا لو كان يريد علّة أخرى جزءا أو بدلا عن المجيء لذكر ذلك ، فما لم يذكر يثبت أنّ المجيء هو تمام الشرط المؤثّر في الجزاء. ومن الواضح أنّ قرينة الحكمة إنّما تجري لإثبات المدلول التصديقي الثاني وهو المراد الجدّي للمتكلّم ، وليس لها علاقة في تكوين المدلول التصوّري للكلام ؛ لأنّ مرجعها إلى ظهور حال المتكلّم وظهور حاله لا علاقة له بمدلول اللفظ الوضعي والتصوّري.
ولذلك قلنا : إنّ هذه الأدلّة على فرض تماميّة شيء منها فهي تثبت المفهوم على مستوى المدلول التصديقي لا التصوّري.
هذا تمام الكلام في تحديد ضابط المفهوم على ضوء تصوّرات السيّد الشهيد.
وأمّا المشهور فقد اتّجهوا إلى تحديد الضابط للمفهوم في ركنين ، كما مرّ بنا في الحلقة السابقة (١) :
أحدهما : استفادة اللزوم العلّي الانحصاري.
والآخر : كون المعلّق مطلق الحكم لا شخصه.
وأمّا المشهور فقد سلكوا في تحديد ضابط المفهوم مسلكا آخر وهو أنّ ثبوت المفهوم للجملة يتوقّف على ركنين إذا تحقّقا تمّ المفهوم ، وإذا انتفى أحدهما على الأقلّ فلا مفهوم للجملة ، وهذان الركنان هما :
الأوّل : استفادة اللزوم العلّي الانحصاري ، فمثلا إذا قيل : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) كانت الجملة دالّة على المفهوم إذا كان الشرط فيها
__________________
(١) في بحث المفاهيم ، تحت عنوان : ضابط المفهوم.