الأوّل : الاستدلال بها على حجيّة خبر الواحد عن طريق مفهوم الشرط.
الثاني : الاستدلال بها من خلال مفهوم الوصف.
الوجه الأوّل : أن يستدلّ بمفهوم الشرط فيها على أساس أنّها تشتمل على جملة شرطية تربط الأمر بالتبيّن عن النبأ بمجيء الفاسق به فينتفي بانتفائه ، وهذا يعني عدم الأمر بالتبيّن عن النبأ في حالة مجيء
العادل به ، وبذلك تثبت حجيّة نبأ العادل.
الوجه الأوّل : تقريب الاستدلال بها على أساس مفهوم الشرط بأن يقال : إن الآية الكريمة تشتمل على جملة شرطية وهي تتكون من شرط وجزاء وموضوع ، أمّا الشرط هنا فهو مجيء الفاسق ، وأمّا الجزاء فهو وجوب التبيّن ، وأمّا الموضوع فهو النبأ ، فيكون المنطوق فيها هو : أنّه يجب التبيّن عن النبأ الذي يأتي به الفاسق ، ومفهومها هو أنّه لا يجب التبيّن عن النبأ الذي لا يأتي به الفاسق أي خبر العادل لا يجب فيه التبيّن.
وبهذا تثبت حجيّة خبر العادل ؛ لأنّ عدم وجوب التبيّن معناه كونه حجّة دون خبر الفاسق الذي يجب التبيّن عنه ، وإلا لكان خبر العادل أسوأ حالا من خبر الفاسق ، لأنّ عدم وجوب التبيّن يتلاءم مع رد الخبر من دون تبيّن ويتلاءم مع أخذه وقبوله من دون تبيّن ، والأوّل يجعل خبر العادل أسوأ من خبر الفاسق ، لأنّ خبر الفاسق يجب التبيّن فيه ثمّ أخذه أو رده بعد ذلك ، فلا يعقل أن يكون خبر العادل يجب أن يرد مباشرة من دون تبيّن ، فيتعين وجوب الأخذ به وهو معنى حجيّته.
ولا يكفي أن ننفي التبيّن عن خبر العادل للقول بحجيّته بناء على حمل الوجوب للتبيّن على النفسي الذي هو أحد الاحتمالات في تفسير التبيّن ووجوبه ، لأنّ هذا التفسير خلاف الظاهر من الآية ، فإنّ الأمر بالتبيّن فيها لا يمكن حمله على الوجوب النفسي وإلا لما كانت هناك مناسبة بين صدر الآية وذيلها الظاهر في تعليل وجوب التبيّن بخوف الإصابة بجهالة ، والذي يعني أنّ التبيّن كان لأجل العمل به لا لنفس الخبر ، ولأنّه على هذا لا يمكن أن يستفاد حجيّة خبر العادل لأنّ نفي وجوب التبيّن عنه لو كان نفسيا معناه أنّ خبر العادل لا يتبين عنه من أجل لزوم التجسس والإهانة من التبيّن.
وكذا لا يمكن أن يكون الأمر بالتبيّن طريقيّا ؛ لأنّ غايته نفي الطريقية عن خبر