المضعّف الكمّي المتقدّم في حساب الاحتمالات اليقين لأنّ مجموع هذه الروايات لا يتجاوز الخمسة عشر رواية فقط.
نعم ، قد يقال بأنّه توجد بعض الخصوصيات والمزايا والملاحظات والقرائن توجب حصول الاطمئنان الشخصي بصدور بعض هذه الأخبار لوجود مزايا في رجال سندها ، كما هو الحال في رواية الحميري المروية في الكافي ج ١ ص ٣٣٠ ، فإنّه بضمّ هذه الخصوصيات والمزايا والتي هي المضعّف الكيفي إلى المضعّف الكمّي المتقدّم يمكن أن يحصل الاطمئنان الشخصي بصدور هذه الرواية وأنّها قطعية فتتمّ بذلك الدلالة على حجيّة خبر الواحد دلالة وسندا (١).
والطريق الآخر لإثبات السنّة هو السيرة ، وذلك بتقريبين :
الأوّل : الاستدلال بسيرة المتشرّعة من أصحاب الأئمّة على العمل بأخبار الثقات ، وقد تقدّم كيفيّة استكشاف الدليل الشرعي عن طريق السيرة ، سواء كانت سيرة أولئك المتشرّعة على ما ذكرناه بوصفهم الشرعي أو بما هم عقلاء.
الطريق الثاني : أن يستدلّ على حجيّة خبر الواحد بالسيرة التي يستكشف بها السنّة ، وهذه السيرة يتمّ استكشاف السنّة بها على أحد أساسين لأنّها على قسمين ، سيرة المتشرّعة وسيرة العقلاء.
التقريب الأوّل : أن يستدلّ بسيرة المتشرّعة من أصحاب الأئمّة حيث إنّ أصحاب الأئمّة كانوا يعملون بأخبار الثقات الذين كانوا ينقلون الأخبار عن الأئمّة المتقدمين ، فعملهم هذا دليل على أنّ العمل بخبر الثقة جائز شرعا وحجّة مطلقا ، سواء أفاد العلم أم لا ؛ لأنّ أصحاب الأئمّة ليس كلّهم على تلك الدرجة الرفيعة من الوثاقة والعدالة والورع ، بل كانوا يختلفون بذلك ، فليس كلّهم كان خبره يفيد العلم ليقال
__________________
(١) ويمكن بيان هذه المزية بأن كتاب ( الكافي ) الذي وردت فيه رواية الحميري مقطوع كونه للكليني الذي هو ثقة الإسلام والراوي الجليل الذي لا يتعمد الكذب ، والراوي لهذه الرواية هو الحميري الذي اتفق الأصحاب على وثاقته ومكانته وأنّه شيخ الأصحاب في قم الذين يدققون جدا في سند الأخبار والضعفاء كما هو المعروف تاريخيا عنها.
وبهذا يثبت أنّ هذه الرواية صادرة عن المعصومين : ودلالتها واضحة كما تقدّم فيثبت ويتمّ الاستدلال بها على المطلوب.