مخصّص يتوقّف على كونها رادعة عن السيرة ، وإلا لكانت مخصّصة بالسيرة ولسقطت حجيّتها في العموم.
الجواب الثاني على الاعتراض المذكور ، ما ذكره المحقّق الخراساني من أنّ الردع عن السيرة بمطلقات وعمومات النهي غير معقول في نفسه ، لاستلزامه الدور المحال ، وكل ما يلزم منه الدور فهو غير معقول.
وبيان الدور أن يقال : إنّ مطلقات النهي إنّما تكون رادعة عن السيرة فيما إذا كانت هذه المطلقات والعمومات حجّة في إطلاقها وعمومها ، إلا أنّ حجيّتها في العموم متوقفة على عدم وجود المخصّص أو المقيّد لها ؛ إذ لو كان هناك مخصّص أو مقيّد لها لم تكن حجّة في العموم وبالتالي لا تكون رادعة عن السيرة ، فلا بد من إثبات عدم وجود مثل هذا المخصّص أو المقيّد.
غير أنّ عدم وجود هذا المخصّص أو المقيّد فرع أن تكون هذه العمومات والمطلقات رادعة عن السيرة بحيث تكون السيرة مشمولة لعموم النهي ، لأنّه إذا لم تكن رادعة عنها وانعقدت السيرة على حجيّة خبر الواحد كانت مخصصة أو مقيّدة لهذه العمومات والمطلقات ، وبالتالي تسقط العمومات عن الحجيّة في العموم.
فتحصّل أنّ رادعية العمومات والمطلقات عن السيرة متوقفة على شمولها للسيرة ورادعيّتها عنها ، وهو توقف الشيء على نفسه الذي هو دور صريح ، لأنّها إذا لم تكن شاملة للسيرة ورادعة عنها لم تكن حجّة في العموم ، وبالتالي تكون مخصّصة بالسيرة فلا تصلح للرادعية.
إنّ توقف الردع بالعمومات على حجيّتها في العموم صحيح ، غير أنّ حجيّتها كذلك لا تتوقّف على عدم وجود مخصّص لها ، بل على عدم إحراز المخصّص ، وعدم إحراز المخصّص حاصل فعلا ما دامت السيرة لم يعلم بإمضائها ، فلا دور.
ويرد على هذا الجواب :
إنّ الدور المذكور متوقف على مقدمة غير تامّة ، حيث إنّه ذكر أنّ رادعيّة العمومات والمطلقات متوقفة على أن تكون هذه العمومات والمطلقات حجّة في العموم ، وأنّ حجيّتها في العموم متوقفة على عدم وجود المخصّص ، فإنّنا وإن كنّا نسلّم