الإجمالي ، وهذا يعني أنّ أخبار الثقات حجّة يجب العمل بها ، فثبت المطلوب من حيث النتيجة العمليّة.
وهذا نظير العلم الإجمالي بنجاسة عدد من الإناءات ضمن مجموع مائة إناء موجودة عندنا ، فإنّه يحتمل أن يكون كل إناء بنفسه داخلا فيما علم إجمالا نجاسته ، فيكون طرفا للعلم الإجمالي ، وحيث إنّ هذا العلم الإجمالي منجّز ، ومنجزيته تقتضي لزوم الموافقة القطعيّة كان الاجتناب عن كل هذه الإناءات واجبا بحكم هذه المنجزية العقلية للعلم الإجمالي ، وبالتالي يجب ترك جميع هذه الإناءات ، وهذه النتيجة كالنتيجة في العلم التفصيلي بنجاسة المائة جميعا من جهة وجوب الاجتناب عن الجميع.
الأوّل : نقضي ، وحاصله :
أنّه لو تمّ هذا لأمكن بنفس الطريقة إثبات حجيّة كل خبر حتّى أخبار الضعاف لأنّنا إذا لاحظنا مجموع الأخبار بما فيها الأخبار الموثّقة وغيرها نجد أنّا نعلم إجمالا بصدور عدد كبير منها ، فهل يلتزم بوجوب العمل بكل تلك الأخبار تطبيقا لقانون منجزية العلم الإجمالي؟!
اعترض الشيخ الأنصاري في رسائله على هذا الشكل من دليل العقل باعتراضين : أحدهما نقضي ، والآخر حلي.
أمّا النقض : فحاصله أنّنا يمكننا أن نطبّق هذا العلم الإجمالي في كل الأخبار الواصلة إلينا ، سواء كانت أخبار الثقات أو غيرهم من الضعاف والمجهولين ، وذلك على أساس أنّنا إذا لاحظنا مجموع هذه الأخبار كلّها نجد أنّه من غير المعقول أن تكون كلّها كاذبة بل بعضها صادر وبعضها مطابق للواقع حتّى ضمن أخبار الضعاف ؛ إذ لا يعقل أن تكون كل أخبار الضعفاء ليست مطابقة للواقع بل يحتمل أن يكون بعضها مطابقا للواقع.
وحينئذ يقال : إنّه لو كان العلم الإجمالي المذكور سابقا منجزا لجميع أطرافه بسبب العلم بصدور بعض الأخبار من المعصومين ضمن دائرة أخبار الثقات لكان هذا العلم الإجمالي أيضا منجّزا لجميع الأخبار بما فيها الضعفاء لأنّه يعلم بصدور أو بمطابقة بعض هذه الأخبار للواقع ، فهل يمكن الالتزام بوجوب العمل بكل خبر حتّى ما كان ضعيفا أو غير ثقة أو مجهولا؟!