الأوّل : أن يكون العلم الإجمالي الصغير داخلا في العلم الإجمالي الكبير ، أي أن تكون النسبة بينهما العموم والخصوص المطلق ، فكلّ أطراف العلم الإجمالي الصغير داخلة في أطراف العلم الإجمالي الكبير.
والثاني : أن لا يكون المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الكبير أزيد من حيث العدد والمصداق من المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الصغير ، بل إما أن يكون أقل منه أو مساويا له.
مثال ذلك : أن نعلم إجمالا بنجاسة خمسة إناءات من مجموع مائة إناء مختلفة الألوان ، ثمّ نعلم إجمالا بنجاسة خمسة إناءات من مجموع الإناءات السوداء في مجموع الإناءات المائة ، فهنا أطراف العلم الإجمالي الصغير وهي الإناءات السوداء من جملة أطراف العلم الإجمالي الكبير ، والمعلوم بالإجمال في العلمين متساو ، وهو الإناءات الخمسة ، ولذلك ينحل العلم الكبير بالعلم الصغير.
وتطبيق هذا الكلام على موردنا بأن يقال :
وكلا الشرطين منطبقان في المقام فإنّ العلم الإجمالي الثاني في المقام ـ أي العلم المستدل به على الحجيّة ـ أطرافه بعض أطراف العلم الأوّل الذي أبرز في النقض ، والمعلوم في الأوّل لا يزيد عن المعلوم فيه فينحل الأوّل بالثاني وفقا للقاعدة المذكورة.
وفي مقامنا نقول : إنّ العلم الإجمالي المستدلّ به على حجيّة خبر الثقة كانت دائرة أطرافه خصوص أخبار الثقات الواصلة إلينا في الكتب المعتبرة ، وهذه الأخبار تعتبر جزءا من دائرة أطراف العلم الإجمالي الذي أبرز في النقض لأنّ أطرافه كل الأخبار سواء منها أخبار الثقات وأخبار الضعفاء وغيرهم ، فالشرط الأوّل موجود (١).
__________________
(١) والتحقيق في المسألة عدم تماميّة الاستدلال بهذا العلم الإجمالي ، لأنّ العلم الإجمالي الكبير لا ينحل فيه لعدم توفر الشرط الثاني فصحيح أنّ أخبار الثقات داخلة ضمن أطراف العلم الإجمالي الكبير الشامل لأخبار الثقات وغيرها ، إلا أنّ المعلوم بالإجمال الموجود في العلم الإجمالي الكبير أزيد من المعلوم بالإجمال في العلم الإجمالي الصغير ، وذلك لأنّنا بعد أن نفرز أخبار الثقات يبقى لدينا علم بوجود تكاليف ضمن سائر الشبهات والأخبار الأخرى ، إذ من غير المعقول أن تكون كلّها كاذبة وغير صادرة ، فيبقى العلم الإجمالي الكبير منجزا لها أيضا.