أمّا الأوّل فلأنّ الحكم موجود واحد شخصي في عالم التشريع ، والموجود الواحد الشخصي يستحيل أن تكون له علّتان.
وأمّا الثاني فلأنّ ظاهر الجملة الشرطيّة كون الشرط بعنوانه الخاصّ دخيلا في الجزاء.
الوجه الرابع : لإثبات مفهوم الشرط أن يقال : إنّ اللزوم مستفاد من وضع الجملة الشرطيّة بأداتها أو بهيئتها لذلك لغة ، فيكون المدلول اللغوي التصوّري للجملة هو اللزوم.
والعلّيّة تستفاد أيضا كما تقدّم في الوجه السابق من دلالة التفرّع بمقتضى أصالة التطابق بين عالمي الإثبات والثبوت ، فما دام قد ذكر التفرّع في الكلام فهو يريده ثبوتا ، ويثبت أنّ التفرّع بنحو العلّيّة ؛ لأنّ التفرّع ظاهر في ذلك. أو يقال بأنّ العليّة مستفادة من الوضع أيضا.
وهكذا الحال بالنسبة للتماميّة فيمكن استفادتها من الإطلاق الأحوالي للشرط الذي ينفي عنه النقصان في جميع الحالات.
يبقى كون هذه العلّة التامّة هي العلّة الوحيدة المنحصرة ، فهذا ما يمكن إثباته بالتقريب التالي :
إذا فرض وجود علّة أخرى للجزاء غير الشرط بأن كانت هناك علّتان للجزاء إحداهما الشرط والأخرى شيء آخر ، فلا يخلو الأمر إمّا أن تكون كلّ من العلّتين بعنوانها الخاصّ علّة للجزاء كأن يقال : ( إذا جاءك زيد فأكرمه ) و ( إذا كان زيد عالما فأكرمه ) ، فكان كلّ من المجيء والعلم بعنوانه الخاصّ علّة للإكرام.
وإمّا أن تكون كلتا العلّتين مؤثّرة في الجزاء لا بعنوانها الخاصّ ، بل بما هي مصداق للعلّة الحقيقيّة والتي هي الجامع بين العلّتين ، كأن تكون علّة الجزاء مثلا الإفطار وكان كلّ من الأكل والشرب مصداقا لهذه العلّة ، فيقال : ( إذا أكلت في شهر رمضان فكفّر ) و ( إذا شربت فيه فكفّر ) فالأكل والشرب علّتان للجزاء بما هما مصداقان للعلّة الحقيقيّة التي هي الجامع بينهما أي ( الإفطار ) ، فكأنّه قيل : ( إذا أفطرت في شهر رمضان فكفّر ) وكان الأكل والشرب مصداقين للإفطار. وكلا هذين الاحتمالين باطل.